هل يشرع اللجوء للاستمناء لتفادي مشاهدة الأفلام الخليعة

0 356

السؤال

لدي مشكلة أعاني منها منذ شهور, وقد أتعبتني نفسيا وجسديا, فأنا صغيرة - عمري 22 سنة - ولم يتقدم لي أحد حتى الآن, وأمارس العادة السرية بين فترة وأخرى, وأحس بالذنب الشديد, وإذا ابتعدت عن العادة أشاهد أفلاما إباحية, وأنا لا أريد ذلك, لكن لكي تذهب شهوتي, وإذا لم أفعل أيا منهما تتعب نفسيتي كثيرا, ولا أستريح؛ وإذا ذهبت إلى النوم تبقى شهوتي مستمرة, وقد حاولت أن أبعدها بالصلاة، والصيام، والتعوذ من الشيطان, لكنها لم تذهب. فما الحل؟
وهل يجوز أن أمارس العادة لكي لا أشاهد الأفلام؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد ذكرنا في الفتوى رقم: 23935،  والفتوى رقم: 93857 حرمة الاستمناء، ونظر الأفلام الخليعة، ولا يجوز الاستمناء لتفادي نظر الأفلام؛ بل يتعين العزم على البعد عن كل منهما. وننصحك بالسعي في الزواج، والاستعانة بدعاء الله تعالى في تحصيل العفة، وأن يمن عليك بزوج صالح يعينك على أمور دينك وآخرتك، فإن الزواج هو أنجع الوسائل المساعدة على العفة، وتحصين الفرج، وغض البصر. ومن لم يتيسر له الزواج  يتعين له حمل نفسه على العفة عن الحرام، فقد قال الله  تعالى: وليستعفف الذين لا يجدون نكاحا حتى يغنيهم الله من فضله {النور:33}، وفي الحديث: ومن يستعفف يعفه الله. رواه البخاري.

 قال القرطبي: استعفف وزنه استفعل، ومعناه طلب أن يكون عفيفا، فأمر الله تعالى بهذه الآية كل من تعذر عليه النكاح ولا يجده بأي وجه أن يستعفف... الأمر بالاستعفاف متوجه لكل من تعذر عليه النكاح بأي وجه تعذر كما قدمناه. انتهى.

وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: أمر كل من تعلق به الأمر بالإنكاح بأن يلازموا العفاف في مدة انتظارهم تيسير النكاح لهم... والسين والتاء للمبالغة في الفعل، أي وليعف الذين لا يجدون نكاحا.. ووجه دلالته على المبالغة أنه في الأصل استعارة، وجعل طلب الفعل بمنزلة طلب السعي فيه ليدل على بذل الوسع. انتهى.

  ومن السعي في طلب العفاف الإكثار من صيام النفل، لقوله صلى الله عليه وسلم: يا معشر الشباب من استطاع منكم الباءة فليتزوج؛ فإنه أغض للبصر وأحصن للفرج، ومن لم يستطع فعليه بالصوم فإنه له وجاء. متفق عليه.

ومن وسائل العفة أيضا شغل الوقت، وعدم التفكير في النكاح، لأن الفكر يتبعه الهم، ويتبع الهم العزم، ويتبع العزم الإرادة ثم الفعل؛ كما قال العلماء .   

هذا وننصحك بأن تطلبي من  أبيك أو ولي أمرك أن يعرضك على أحد الشباب المستقيمين من أقربائك أو غيرهم إن تيسر ذلك ويزوجك به، ولا يمنعنك من ذلك كونه فقيرا فعسى أن يغنيه الله بسبب الزواج، قال الله تعالى: وأنكحوا الأيامى منكم والصالحين من عبادكم وإمائكم إن يكونوا فقراء يغنهم الله من فضله والله واسع عليم {النور:32}، وعليك بالحرص على تخفيف المهر فهو من يمن المرأة كما في الحديث: إن من يمن المرأة تيسير خطبتها, وتيسير صداقها, وتيسير رحمها. رواه أحمد من حديث عائشة.

ومما يدل لمشروعية عرض المرأة على من يتزوجها، ما أخرج البخاري من حديث ثابت البناني قال: كنت عند أنس رضي الله عنه وعنده ابنة له، قال أنس: جاءت امرأة إلى النبي صلى الله عليه وسلم تعرض عليه نفسها، قالت: يا رسول الله ألك بي حاجة؟ فقالت بنت أنس: ما أقل حياءها، واسوأتاه واسوأتاه، قال: هي خير منك، رغبت في النبي صلى الله عليه وسلم فعرضت عليه نفسها.

 وقد عرض الرجل الصالح إحدى ابنتيه على موسى عليه الصلاة والسلام المشار إليه بقوله تعالى: قال إني أريد أن أنكحك إحدى ابنتي هاتين {القصص:27}، وكذلك الحديث الذي رواه البخاري عن عبد الله بن عمر رضي الله عنهما: أن عمر بن الخطاب حين تأيمت حفصة بنت عمر من خنيس بن حذافة السهمي، وكان من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم قد شهد بدرا، توفي بالمدينة، قال عمر: فلقيت عثمان بن عفان فعرضت عليه حفصة، فقلت إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، قال: سأنظر في أمري فلبثت ليالي، فقال: قد بدا لي أن لا أتزوج يومي هذا، قال عمر: فلقيت أبا بكر فقلت: إن شئت أنكحتك حفصة بنت عمر، فصمت أبو بكر فلم يرجع إلى شيئا، فكنت عليه أوجد مني على عثمان، فلبثت ليالي، ثم خطبها رسول الله صلى الله عليه وسلم، فأنكحتها إياه فلقيني أبو بكر، فقال: لعلك وجدت علي حين عرضت علي حفصة فلم أرجع إليك، قلت: نعم، قال: فإنه لا يمنعني أن أرجع إليك فيما عرضت, إلا أني قد علمت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد ذكرها فلم أكن لأفشي سر رسول الله صلى الله عليه وسلم, ولو تركها لقبلتها.

 قال الحافظ ابن حجر رحمه الله تعالى: وفيه -أي الحديث- عرض الإنسان بنته وغيرها من مولياته على من يعتقد خيره وصلاحه، لما فيه من النفع العائد على المعروضة عليه، وأنه لا استحياء في ذلك، وفيه أنه لا بأس بعرضها عليه، ولو كان متزوجا، لأن أبا بكر كان حينئذ متزوجا. انتهى.

وعليك بإكثار سؤال الله بالدعاء المأثور: اللهم إني أسألك الهدى والتقى، والعفاف والغنى. رواه مسلم.

وبالدعاء المأثور: اللهم طهر قلبي، وحصن فرجي. رواه أحمد.

وبالدعاء المأثور: اللهم إني أعوذ بك من شر سمعي، ومن شر بصري، ومن شر لساني، ومن شر قلبي، ومن شر منيي. رواه أحمد وأصحاب السنن، وصححه الألباني.

وقد سأل أبو بكر فقال: يا رسول الله مرني بكلمات أقولهن إذا أصبحت وإذا أمسيت، قال: قل: اللهم فاطر السماوات والأرض عالم الغيب والشهادة، رب كل شيء ومليكه، أشهد أن لا إله إلا أنت، أعوذ بك من شر نفسي وشر الشيطان وشركه، قلها: إذا أصبحت وإذا أمسيت، وإذا أخذت مضجعك. رواه أبو داود والترمذي وقال: حسن صحيح.

وراجعي في أسباب استجابة الدعاء، وفي عرض الرجل بنته على أهل الصلاح الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 1390، 32981 2150، 2395، 13770، 7087.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المكتبة