السؤال
تعرفت على شخص يعمل في شركة نقل أثاث, وقال: إنه بإمكانه أن يدخل سيارات باسمي؛ لمعرفته لمدير الفرع, وكانت السيارات المطلوبة تصل إلى داخل المدن وخارجها، والتي تصل إلى داخل المدن أبلغه مدير الفرع عن سعرها, والتي تصل خارج المدن قال له: انظر سعر الشركة المشغلة وقدم نفس الأسعار, وأنقص في بعضها, مع العلم أن السيارات التي سندخلها لن تضر الشركة المشغلة، والذي أشكل علي أنه أعطى مائة ريال للعامل؛ لأن العامل كان مشغولا, والأوراق مسموح له الاطلاع عليها, فهل تعتبر رشوة؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كان الحامل لصاحبك على دفع المائة هو كون العامل أبدى معه تعاونا رغم انشغاله بعمله, لكنه لم يحابه وإنما أطلعه على ما يسمح له, ويؤذن له في الاطلاع عليه من الأوراق, فأراد مكافأته على تعاونه بدفع تلك المائة فهذه ليست رشوة؛ لأنها لم تكن لإبطال حق, ولا لإحقاق باطل, ولا لغرض سيء ممنوع, وقد عرف ابن حزم - رحمه الله - الرشوة في كتابه المحلى فقال: هي ما أعطاه المرء ليحكم له بباطل، أو ليولى ولاية، أو ليظلم له إنسان. وعرفها السبكي في الفتاوى بقوله: والمراد بالرشوة التي ذكرناها ما يعطى لدفع حق أو لتحصيل باطل. وقال بدر الدين الزركشي في كتابه المنثور في القواعد: الرشوة أخذ المال ليحق به الباطل أو يبطل الحق، فأما إذا كان مظلوما فبذل لمن يتوسط له عند السلطان في خلاصه وستره فليس ذلك بإرشاء حرام، بل جعالة مباحة.
وإذا كان الأمر كذلك فليست المائة التي دفعها صاحبك رشوة, لكن ليس للعامل أخذها لنفسه دون إذن جهة عمله, بل يدفعها إليهم, ويبين لهم سببها سدا لباب الرشوة, ولئلا تكون سببا في فساد أخلاق العامل, وطمعه في الزبائن, وتطلعه إلى بذل المال منهم مقابل ما يقدمه من خدمات هي من صميم عمله.
والهدية للعامل من أجل عمله يشملها ما جاء في الصحيحين أن النبي صلى الله عليه وسلم استعمل رجلا من الأزد يقال له: ابن اللتبية على الصدقة، فلما قدم قال: هذا لكم وهذا أهدي لي، قال النبي صلى الله عليه وسلم: " هلا جلس في بيت أبيه أو أمه فينظر يهدى له أم لا ", وفي الحديث عند أحمد "هدايا العمال غلول", وهذا الحديث وغيره يدل على أنه لا يجوز للموظف أن يأخذ على وظيفته إلا راتبه المخصص له، وأن أخذ ما زاد على ذلك دون إذن جهة عمله حرام.
والله أعلم.