السؤال
أود أن أسأل عن أمر بخصوص الصلاة: في مرحلة من عمري لم أكن بعد ملما بفقه الصلاة، كنت أقصر الصلاة قبل الشروع
في السفر، كما كنت أصلي في الحافلة الفرض وأنا جالس، ولم أكن أعلم بحكم ذلك.
فهل علي إعادة لهذه الصلوات، مع العلم أني لا أعلم عددها؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فقد ذهب جمهور أهل العلم إلى أن من أراد السفر لا يقصر الصلاة حتى يشرع فيه، ولا يجوز له القصر في بلدته.
قال ابن قدامة في المغني: وجملته أنه ليس لمن نوى السفر القصر حتى يخرج من بيوت قريته، ويجعلها وراء ظهره, وبهذا قال مالك، والشافعي، والأوزاعي، وإسحاق، وأبو ثور، وحكي ذلك عن جماعة من التابعين, وحكي عن عطاء، وسليمان بن موسى، أنهما أباحا القصر في البلد لمن نوى السفر, وعن الحارث بن أبي ربيعة، أنه أراد سفرا، فصلى بهم في منزله ركعتين، وفيهم الأسود بن يزيد، وغير واحد من أصحاب عبد الله .. اهـ.
وقال الماوردي الشافعي في الحاوي: مسألة: قال الشافعي رضي الله عنه: وإن نوى السفر فلا يقصر حتى يفارق المنازل إن كان حضريا، ويفارق موضعه إن كان بدويا. قال الماوردي: وهو كما قال . إذا نوى سفرا يقصر في مثله الصلاة، فليس له أن يقصر في بلده بمجرد النية قبل إنشاء السفر، وهو قول كافة الفقهاء . قال عطاء، والأسود، والحارث بن أبي ربيعة: إذا نوى السفر جاز له القصر في منزله بمجرد النية. قالوا: لأنه لما صار مقيما بمجرد النية من غير فعل، وهذا خطأ. والدلالة على فساده قوله تعالى: وإذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة [ النساء : ] . فأباح الله تعالى القصر للضارب في الأرض، والمقيم لا يسمى ضاربا. اهـ.
فإذا علمت أنه لا يجوز القصر قبل الشروع في السفر، فإنه يلزمك إعادة تلك الصلوات التي صليتها. وذهب بعض أهل العلم إلى عدم الإعادة. وراجع في ذلك فتوانا رقم: 170427 وما أحالت عليه.
وأما صلاتك للفريضة في الحافلة جالسا، فإن كنت تخشى من السقوط إن صليت قائما فيها، ولم يمكنك أداؤها في وقتها على الأرض قائما – كأن تؤديها في وقتها عند الرجوع للبيت مثلا - فإنها في تلك الحال تعتبر صحيحة ولا تلزمك إعادتها، لما ذكره الفقهاء من أن من صلى في السفينة جالسا صحت صلاته إذا كان يخشى السقوط, وأما إن كان بإمكانك أن تصليها في الحافلة قائما أو تصليها على الأرض بعد نزولك منها، فإن صلاتك غير صحيحة؛ لأن القيام في الفريضة ركن لا يسقط إلا بالعجز، وأنت غير عاجز.
جاء في الموسوعة الفقهية: ذهب جمهور الفقهاء: ( المالكية، والشافعية، والحنابلة، وأبو يوسف، ومحمد من الحنفية ) إلى أنه لا يجوز لمن يصلي الفريضة في السفينة ترك القيام مع القدرة كما لو كان في البر. ويستدلون بقول النبي صلى الله عليه وسلم: فإن لم يستطع فقاعدا, وهذا مستطيع للقيام، وبما روي أن النبي صلى الله عليه وسلم لما بعث جعفر بن أبي طالب رضي الله عنه إلى الحبشة أمره أن يصلي في السفينة قائما إلا أن يخاف الغرق، ولأن القيام ركن في الصلاة فلا يسقط إلا بعذر ولم يوجد, ويقول أبو حنيفة بصحة صلاة من صلى في السفينة السائرة قاعدا بركوع وسجود وإن كان قادرا على القيام أو على الخروج إلى الشط .. اهــ
وانظر المزيد عن الصلاة في الحافلة في الفتوى رقم: 14833 والفتوى رقم: 172323.
والله تعالى أعلم.