السؤال
سادتنا ومشايخنا: تم خطف رجل من قبل كتيبة إخوة شخصية مهمة موالية للنظام, لفدائه بأسرى مجاهدين لدى المخابرات الجوية, وبعد المساجلات مع النظام تم إخراج عدد من المجاهدين, والمسألة: قائد العملية يقول: نحن لم نسأل أبدا عن حال الرجل المخطوف, وهو مجهول الحال لدينا؟ ما حكم فعلنا لو ظهر مسلما؟ هل له أجر جزاء ترويعه؟ وهل نطلب منه السماح؟
ما حكم الله تعالى في هذه النازلة؟
جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالظاهر أن مراد السائل بموالاة هذا الرجل للنظام: العمل لمصلحته ودعمه وإعانته, وإلا لما بادلوه بأسرى من المجاهدين, فإن كان كذلك فحكم هذا الرجل حكم النظام الذي يواليه، فما جاز فعله مع الجنود المقاتلين في صفوف هذا النظام، جاز فعله مع هذا الرجل, وما لم يجز هناك لم يجز هنا.
وأما قول قائدا الكتيبة: (لم نسأل عن حال الرجل المخطوف ..) فجوابه: أن التعويل ليس على كون هذا الرجل مسلما أو نصيريا أو نصرانيا أو غير ذلك من الملل، بل التعويل على كونه مواليا للنظام، معينا لهم على سفك الدماء، وانتهاك الأعراض، وانتهاب الأموال! فإن ثبت عنه ذلك فهو من جملة جنود النظام، فيكون له مثل حكمهم، قال تعالى: إن فرعون وهامان وجنودهما كانوا خاطئين [القصص : 8] فذكر الجنود هنا فيه تنبيه واضح على أن حكمهم تابع لحكم قادتهم، فلولا هؤلاء الجنود لما استطاع القادة أن يفسدوا في الأرض، ولذلك قال السعدي: {وجنودهما } التي بها صالوا وجالوا وعلوا وبغوا. اهـ.
أما إن كان مراد السائل أن المقبوض عليه نفسه ليس عميلا للنظام, وإنما أخوه هو العميل، فتم القبض على الأخ للضغط على أخيه الموالي للنظام، فهذا ظلم لا يجوز، والمبدأ في ذلك قوله تعالى: {ولا تزر وازرة وزر أخرى وإن تدع مثقلة إلى حملها لا يحمل منه شيء ولو كان ذا قربى} [فاطر: 18], وقوله سبحانه:{ولا تكسب كل نفس إلا عليها ولا تزر وازرة وزر أخرى} [الأنعام: 164], وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم في خطبته في حجة الوداع: "إن دماءكم وأموالكم وأعراضكم عليكم حرام كحرمة يومكم هذا, في بلدكم هذا, في شهركم هذا، ألا لا يجني جان إلا على نفسه، ولا يجني والد على ولده، ولا ولد على والده" رواه الترمذي وقال: حسن صحيح وابن ماجه، وحسنه الألباني.
وفي حال وقوع هذا الظلم يجب التوبة منه، وهذا يتطلب الاستحلال من المظلوم؛ لقول النبي صلى الله عليه وسلم : "من كانت له مظلمة لأخيه من عرضه أو شيء فليتحلله منه اليوم قبل أن لا يكون دينار ولا درهم، إن كان له عمل صالح أخذ منه بقدر مظلمته، وإن لم تكن له حسنات أخذ من سيئات صاحبه فحمل عليه" رواه البخاري.
وأما المظلوم: فلا يخلو من أجر عند الله إن كان مؤمنا، كما يدل عليه قول النبي صلى الله عليه وسلم: "ما من شيء يصيب المؤمن حتى الشوكة تصيبه إلا كتب الله له بها حسنة، أو حطت عنه بها خطيئة. رواه مسلم.
والله أعلم.