السؤال
عدد أهل الكهف.
ذكر في سورة الكهف أن العدد غير معروف، ويتراوح ما بين ثلاثة وكلبهم، وسبعة وكلبهم، وحيث ذكر في القرآن الكريم أن الله عز وجل يعرف الغيب، وهذا لا يختلف عليه اثنان، ولكن لماذا لم يذكر العدد الصحيح، مع العلم أن الخبر مهم أكثر من العدد، وأنكم في هذا تنكرون صفة من صفات الخالق العظيم الله جل جلاله بعلم الغيب؟ وإنني وجدت أجوبة عدة ولكنها نفس المعني وذكرت جملة وهي (و لا ينبغي للمرء أن يتكلف طلب غير ذلك، فيفني وقتة وجهده فيما لا ينفعة في دنياه أو أخراه ) وأيضا: (لا ينبغي للإنسان أن يتعب نفسه فيما لم يثبت دليل يدل عليه من أخبار الأمم السابقة ) والله أعلم فتوى رقم: 71738 وفتوى رقم:105634
أرجو الإيضاح ولكم مني كل شكر واحترام وتقدير، لكن أريد أن أعرف الحقيقة لا غير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأما ما سألت عنه مما ذكر حول عدد أصحاب الكهف وسبب إبهام الله تعالى له؛ فالجواب عنه ما بيناه في بعض الفتاوى التي أشرت إلي بعضها في سؤالك، وهو أن بعض أهل العلم فهم من رده سبحانه وتعالى للقولين الأولين في عددهم وكونهما رجما بالغيب، وسكوته عن الثالث، أن عددهم هو الأخير المسكوت عنه. قال تعالى: سيقولون ثلاثة رابعهم كلبهم ويقولون خمسة سادسهم كلبهم رجما بالغيب ويقولون سبعة وثامنهم كلبهم قل ربي أعلم بعدتهم ما يعلمهم إلا قليل فلا تمار فيهم إلا مراء ظاهرا ولا تستفت فيهم منهم أحدا {الكهف: 22 } فسكت سبحانه عن القول الثالث ولم يرده وقال: ما يعلمهم إلا قليل . فلم ينف علمهم عن الناس جميعا بل أثبته لأولئك القلة، وابن عباس حبر الأمة وترجمان القرآن أحد أولئك القلة كما قال عن نفسه رضي الله عنه.
قال ابن كثير: عن ابن عباس قال: أنا من القليل، كانوا سبعة.
وأما سبب إبهام الله تعالى لعددهم وإعراضه عنه فهو كما قال ابن كثير رحمه الله تعالى: اشتملت هذه الآية الكريمة على الأدب في هذا المقام، وتعليم ما ينبغي في مثل هذا، فإنه تعالى حكى عنهم ثلاثة أقوال، حقق القولين وسكت عن الثالث، فدل على صحته؛ إذ لو كان باطلا لرده كما ردهما، ثم أرشد على أن الاطلاع على عدتهم لا طائل تحته، فقال في مثل هذا: قل ربي أعلم بعدتهم. اهـ .
وقال الإمام ابن كثير أيضا - رحمه الله -: يقول تعالى مخبرا عن اختلاف الناس في عدة أصحاب الكهف، فحكى ثلاثة أقوال، فدل على أنه لا قائل برابع، ولما ضعف القولين الأولين بقوله: رجما بالغيب, أي: قولا بلا علم، كمن يرمي إلى مكان لا يعرفه، فإنه لا يكاد يصيب وإن أصاب فبلا قصد, ثم حكى الثالث وسكت عليه أو قرره بقوله: وثامنهم كلبهم، فدل على صحته، وأنه هو الواقع في نفس الأمر, وقوله: قل ربي أعلم بعدتهم, إرشاد إلى أن الأحسن في مثل هذا المقام رد العلم إلى الله تعالى، إذ لا احتياج إلى الخوض في مثل ذلك بلا علم، لكن إذا أطلعنا على أمر قلنا به, وإلا وقفنا. انتهى.
والله أعلم.