السؤال
جزاكم الله عنا كل خير. أود الاستفسار حول معنى الآية الكريمة: ( الذين يأكلون الربا لا يقومون إلا كما يقوم الذي يتخبطه الشيطان من المس. ذلك بأنهم قالوا إنما البيع مثل الربا وأحل الله البيع وحرم الربا. فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله.
ومن عاد فأولئك أصحاب النار هم فيها خالدون )
سؤالي هو أني أرى الكثير من المسلمين في بلدي لجؤوا إلى القروض لشراء بيوت تؤويهم تحت ضغط الحاجة للسكن والاستقرار، كما أن منهم من أخد فتوى تبيح له القرض للسكن، ومنهم من تظهر عليه علامات الاستقامة -ولا نزكي أحدا على الله- ولكن يظهر عليهم الصلاح والعمل الخير، وارتياد المساجد.
فهل هؤلاء ممن توعدهم الله بالخلود في النار أم هناك تفسير آخر؟
وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
أما بخصوص الآيه فقد اختلف المفسرون في تأويلها؛ إذ ظاهرها أن من عاد إلى الربا فهو مخلد في النار، ومعلوم أن أكل الربا معصية، وأن عصاة المؤمنين لا يخلدون في النار. هذا الذي عليه أهل السنة والجماعة، فمنهم من أولها بأن المراد من أكل الربا مستحلا لما حرم الله تعالى جاعلا الربا مثل البيع، واستحلال المحرم كفر ليس مثل انتهاكه، ومنهم من أول الخلود بأن معناه المبالغة في طول المكث في النار على سبيل المجاز وهو أسلوب عربي معروف، وليس الخلود التأبيدي.
قال البغوي: ومن عاد بعد التحريم إلى أكل الربا مستحلا له.
وقال ابن جزي: من عاد إلى فعل الربا وإلى القول: إنما البيع مثل الربا، ولذلك حكم عليه بالخلود في النار، لأن ذلك القول لا يصدر إلا من كافر، فلا حجة فيها لمن قال بتخليد العصاة لكونها في الكفار.
وقال القرطبي: يعني إلى فعل الربا حتى يموت، قاله سفيان. وقال غيره: من عاد فقال إنما البيع مثل الربا فقد كفر.
قال ابن عطية: إن قدرنا الآية في كافر فالخلود خلود تأبيد حقيقي، وإن لحظناها في مسلم عاص فهذا خلود مستعار على معنى المبالغة، كما تقول العرب: ملك خالد، عبارة عن دوام ما لا يبقى على التأبيد الحقيقي.
وقال الألوسي: ومن عاد أي رجع إلى ما سلف ذكره من فعل الربا، واعتقاد جوازه، والاحتجاج عليه بقياسه على البيع.
وأما بشأن الإقتراض بالربا من أجل شراء مسكن فراجع الفتاوى التالية أرقامها: 49918/ 61214/ 38519
والله أعلم.