حكم استعمال التورية في اليمين لدفع ظلم واستخلاص حق

0 310

السؤال

هل يجوز لي حلف يمين لأسترد حقي في عقار مغتصب من رجل نقض اتفاقا بيني وبينه؟
القصة كالآتي: أمتلك بيتا أسكنه مع عائلتي, ملحقا به مخزن كان يستخدم كموقف للسيارة، وقد زارني طبيب حديث التخرج طالبا مني استئجار المخزن لكي يستخدمه كعيادة طبية, فأخبرته أنني بحاجة لذلك المخزن؛ لأن لي أولادا سيحتاجونه عندما يعودون من الدراسة في الخارج, وأحدهم طبيب, وبالتالي: لا يمكنني الاستغناء عنه, فعرض علي أن ينتفع به بصورة مؤقتة إلى أن أطلب منه الخروج منه عندما أحتاجه، واشترطت عليه عدم توقيع أي عقد إيجار بيني وبينه؛ كون الاتفاق الأخلاقي الشفوي الذي تم بيني وبينه يقضي بأن ينتفع به منفعة مؤقتة, مقابل مبلغ من المال, وليس استئجارا رسميا, وقد وافق على ذلك, وبعد مضي عدة سنوات وعودة أولادي من الخارج طلبت منه إخلاء المخزن؛ لأني بحاجة إليه, فرفض ناقضا الاتفاق الأصلي، وأنا منذ 4 سنوات أرفض أية مبالغ يقدمها لي، بل إنه اشترط علي أن أدفع له خلوا بقيمة 100 ألف دينار أردني للخروج من المخزن, وهو ما يساوي قيمة الأرض والبيت والمخزن معا, ولم تنفع العديد من المحاولات, وتدخل أهل الخير في إقناعه بالالتزام بالاتفاق الأصلي, والوفاء بتعهده السابق بإخلاء العقار حالما طلبت منه ذلك, ولم يكتف هذا الطبيب بالإخلال بالاتفاق, بل رفع علي قضية تهديد بالقتل خسرها فورا, وأتبعها برفعه قضية منع معارضة بالانتفاع بالمأجور؛ حيث طالبته المحكمة إحضار وثائق تثبت صحة واقعة الإيجار, فعجز عن ذلك, ثم طالبته المحكمة بإحضار شهود فعجز عن تحقيق ذلك أيضا، فقام محاميه بالاحتيال على المحكمة وطلب مني يمينا حاسمة تؤكد واقعة الإيجار, والسؤال هو: هل أستطيع أن أقسم يمينا حاسمة بأن هذا الطبيب غير مستأجر مني - أي استئجارا رسميا حسب القوانين الوضعية هنا - وأني لم أتفق معه على تأجير ذلك المخزن - حسب قوانين وأعراف التأجير هنا؛ كون النية انعقدت على الاستخدام والانتفاع المؤقت والخروج عند الحاجة -؟ أي: هل يجوز لي أن أحلف لاستعادة حقي ومخزني الذي اغتصبه ذلك الطبيب؟ راجيا الأخذ بعين الاعتبار أن بقاءه سيترتب عليه عواقب ومفاسد وخيمة؛ كونه اغتصابا واحتلالا للعقار, ويشكل استفزازا لكل أفراد عائلتي, وإذا كان القانون الوضعي يظلمني, فهل يمنعني الحكم الشرعي من حلف يمين لا يترتب عليها أي ضرر بالآخرين, بل يمنع تكريس الظلم, بل إن عدم حلف اليمين المطلوب يعني: إما دفع بدل الخلو المذكور أعلاه, أو حرماني من استخدام ملكي, والقسم المطلوب هو: "أقسم بالله العظيم أن هذا الطبيب غير مستأجر عندي ", أو " أنني لم أتفق معه على استئجار"، علما أن المقصود الذي تريده المحكمة هو يمين بأني قمت بتأجيره تأجيرا بالآلية المتعارف عليها هنا, وهي أن المستأجر مالك حتى ولو كان الاتفاق شفويا, رغم أن ما جرى بيني وبينه هو تفاهم على منفعة مؤقتة, لا علاقة لها بقوانين وأعراف الإيجار المعمول بها هنا, وقد نقض الطبيب الاتفاق.
ولكم جزيل الشكر.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما أن تحلف على مقتضى ما حصل بينكما من أن هذا الطبيب لم يستأجر منك هذا المحل استئجارا رسميا، وإنما اتفقتما على إيجار مؤقت لا علاقة له بقوانين وأعراف الإيجار المعمول بها، فهذا جائز؛ لأن اليمين إنما شرعت عند التنازع دفعا للظلم من المدعي, واستخلاصا للحق، وقد قال صلى الله عليه وسلم: البينة على المدعي, واليمين على من أنكر. رواه الترمذي وغيره وإسناده صحيح.

وأما أن تحلف على غير ما حصل لاستخلاص حقك الذي ظلمت به، فهذا جوزه بعض أهل العلم على وجه التأويل والتورية, وذلك أن يقصد الحالف بعبارته معنى صحيحا ليس كاذبا فيه بالنسبة إلى ذلك المعنى، وإن كان كاذبا بالنسبة لظاهر اللفظ ولفهم المخاطب، ولا ينبغي أن يلجأ إلى الكذب مع إمكان التورية, وراجع الفتوى رقم: 106688.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة