السؤال
لماذا يطلق العلماء اسم شروط وموانع التكفير مع أن الشروط هي عكس الموانع, فلماذا لم يكتفوا بقول: "موانع التكفير" أو "شروط التكفير"؟ فالجهل مانع؛ وبالتالي فمن المؤكد أن العلم شرط.
لماذا يطلق العلماء اسم شروط وموانع التكفير مع أن الشروط هي عكس الموانع, فلماذا لم يكتفوا بقول: "موانع التكفير" أو "شروط التكفير"؟ فالجهل مانع؛ وبالتالي فمن المؤكد أن العلم شرط.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فتعريف الشرط هو: ما يلزم من عدمه عدم الحكم، والمانع هو: ما يلزم من وجوده عدم الحكم, قال الزركشي: والشرط لغة: العلامة، ومنه أشراط الساعة، وهو الذي يلزم من انتفائه انتفاء المشروط، كالإحصان الذي هو سبب وجوب رجم الزاني ينتفي الرجم لانتفائه، فلا يرجم إلا محصن، وكالحول الذي هو شرط وجوب الزكاة ينتفي وجوبها بانتفائه .. والمانع عكس الشرط، وهو ما يلزم من وجوده عدم وجود الحكم، كالدين مع وجوب الزكاة، والأبوة مع القصاص, ووجه العكس فيه: أن الشرط ينتفي الحكم بانتفائه، والمانع ينتفي الحكم لوجوده، فوجود المانع وانتفاء الشرط سواء في استلزامها انتفاء الحكم، وانتفاء المانع ووجود الشرط سواء في أنهما لا يلزم منهما وجود الحكم ولا عدمه. أهـ.
وفي التفريق بين الشرط وعدم المانع وأثر ذلك، يقول ابن النجار: الشرط وعدم المانع، كلاهما يعتبر في ترتب الحكم, فقد يلتبسان، حتى إن بعض الفقهاء جعله إياه, كما عد الفوراني والغزالي من شرائط الصلاة: ترك المناهي من الأفعال والكلام والأكل ونحوه, وتبعهما الرافعي في شرح الوجيز وغيره, والنووي في الروضة, لكن قال في شرح المهذب: "الصواب أنها ليست شروطا, وإن سميت بذلك فمجاز، وإنما هي مبطلات", وقال في التحقيق: "غلط من عدها شروطا". اهـ.
والفرق بينهما - على تقدير التغاير - أن الشرط لا بد أن يكون وصفا وجوديا, وأما عدم المانع فعدمي، ويظهر أثر ذلك في التغاير: إن عدم المانع يكتفى فيه بالأصل, والشرط لا بد من تحققه, فإذا شك في شيء يرجع لهذا الأصل؛ ولذلك عدت الطهارة شرطا؛ لأن الشك فيها مع تيقن ضدها المستصحب يمنع انعقاد الصلاة. اهـ.
وبهذا يظهر أثر التفريق, ويتبين وجه عدم الاكتفاء بأحدهما عن الآخر.
والله أعلم.