السؤال
لقد ارتكبت في حياتي العديد من المعاصي, وتطرقت إلى الكبائر على مراحل متعددة من حياتي, ومنها: أكل مال حرام عن طريق القرض, وعدم اكتراثي بالمصدر, وكان الأهم هو المال, وأحيطكم علما أني أعلم الكثير من الحلال والحرام, وكنت أعلم بحرمته عند ارتكابه, وكنت - ولا زلت - أتعذب بداخلي مما أقوم به, ووصلت الآن لعمر 35 عاما, وأرغب في التوبة الصادقة؛ فبدأت بالعودة إلى طريق الله, والمحافظة على الصلوات في المسجد, والصوم, والدعاء, وقيام الليل, ووالله إني أتوب إلى الله عز وجل كل ليلة, وأندم على ما اقترفت, وسؤالي: هل سيقبل الله مني وعندي مال حرام مختلط بمالي الذي اكتسبته؟
وأنا أنوي تنقية مالي - إن شاء الله - ولكنه لا يتيسر لي الآن رد ما أخذته دون علم أصحاب المال, فماذا أفعل؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله أن يقبل توبتك، وأن يثبتك على هداه.
أما التوبة من المال الحرام ففيها تفصيل: فما أخذته من مال محرم دون رضا صاحبه بسرقة, أو غصب, أو جحد, ونحو ذلك، فهذا يجب عليك أن ترده لهم، فإن لم تستطع فاطلب منهم أن يسامحوك, أو ينظروك إلى أن توسر.
أما المال المحرم المأخوذ برضا صاحبه - كالفوائد الربوية البنكية - فلا ترده للبنك، ويجب عليك التخلص منه بالصدقة، وإن استهلكته حال غناك فيلزمك التصدق بقدره من مالك، أما إن استهلكته في حاجتك وكنت فقيرا فلا يلزمك شيء، ولو أيسرت بعد ذلك, جاء في كتاب المال الحرام وضوابط الانتفاع والتصرف به في الفقه الإسلامي للدكتور عباس الباز: إن كان الفقير قد أنفق ما أنفقه من مال حرام لحاجته إلى الإنفاق من هذا المال، بحيث كان هذا الإنفاق متعينا: بألا يكون واجدا غيره، وظهرت حاجته إليه, فلا يكون هذا المال في مثل هذه الحالة دينا في ذمته، فلا يلزم برد مثل ما أنفق .. أن يكون الفقير قد أنفق المال الحرام لغير حاجته، أو كان عنده من المال الحلال ما يكفيه مؤنة الإنفاق من غيره إلا أنه أنفق على نفسه من المال الحرام، فإنه في هذه الحالة يكون متعديا بهذا الإنفاق؛ لأنه غير مأذون له به؛ لعدم وجود ما يبرره, وهو الفقر والحاجة، فإذا تاب هذا المسلم مما فعل تعين عليه أن يبرئ ذمته أهـ. بتصرف, وانظر الفتويين: 45011 ، 68848.
والله أعلم.