السؤال
جدتي تقيم الآن في مصر, وذهبت لأبي في السعودية قبل موسم الحج بشهر لتحج في موسم الحج, فهي ليست مقيمة في السعودية, فلا يصح قانونيا أن تذهب للحج, فطلب أبي من أمي أن تصور نسخة من جواز سفرها وتعطيها له ليغير صورتها, ويضع صورة والدته, ويغير الاسم أيضا, فقلت لوالدتي: إن هذا حرام, فقالت لي: إنها إن أبت فسوف ينفعل عليها أبي, وربما طلقها, وسيأخذون جواز سفر زوجة عمي فهي مقيمة أيضا في السعودية, ويفعلون نفس الشيء, فما حكم ما فعلته والدتي؟ وهل تأثم بذلك؟ وهل صحيح أن ما فعلوه حرام؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن تزوير جواز السفر ونحوه من الوثائق محرم إلا في حال الضرورة، كما بيناه في الفتوى: 13172.
فتزوير والدك لجواز السفر منكر، ولا تجوز إعانته عليه؛ لقوله تعالى: ولا تعاونوا على الإثم والعدوان واتقوا الله إن الله شديد العقاب {المائدة:2}، فليس لوالدتك أن تطيع أباك فيما يعينه على تزوير جواز السفر؛ لقوله صلى الله عليه وسلم: لا طاعة لبشر في معصية الله. أخرجه أحمد.
لكن إن هددها بالطلاق, وكانت هذه الطلقة الثالثة فقد عد بعض العلماء التهديد بها في هذه الحالة من الإكراه، سئل الشيخ ابن عثيمين ـ رحمه الله تعالى ـ عن امرأة يريد زوجها أن يطلقها؛ لأنها تغطي الوجه، وأخرى هددها حقيقة بإيقاع الطلاق إذا غطت الشعر، ويعيشون في الخارج، فهل هذا إكراه يبيح لها الكشف في الحالة الأولى أو الثانية؟ فأجاب بقوله: إن كانت هذه الطلقة هي الثالثة فنعم؛ لأنه ليس فيها رجعة, فتكون الزوجة حينئذ مكرهة، وأما إن كانت الأولى أو الثانية فلا تستجيب له, وسيكون هو أول من يندم، ولتستمر بتغطية الوجه والشعر، ونسأل الله لها الثبات وللزوج الهداية. اهــ.
وجاء في الفروع لابن مفلح : ولو أمره أبوه بشرب دواء بخمر, وقال: أمك طالق ثلاثا إن لم تشربه حرم شربه، نقله هارون الحمال، ويتوجه في هذه تخريج من رواية جواز التحلل لمن أحرمت بحجة الإسلام، فحلف زوجها بطلاق ثلاث لا تحج العام؛ لعظم الضرر، مع أن في الجواز خلافا مطلقا، والحج كما يجوز تركه للعذر, كذا شرب المسكر لعذر غصة أو إكراه, وعلى هذا لا يختص بمسألة التداوي، وسأله ابن إبراهيم عن عبد قال: إذا دخل أول يوم من رمضان فامرأته طالق ثلاثا إن لم يحرم أول يوم من رمضان، قال: يحرم ولا يطلق امرأته، وليس لسيده أن يمنعه أن يخرج إلى مكة إذا علم منه رشدا, فجوز أحمد إسقاط حق السيد لضرر الطلاق الثلاث، مع تأكد حق الآدمي، فمسألتنا أولى، ويتوجه منها تخريج بمنع الإحرام, وهو أظهر وأقيس، وقد نقل عبد الله في مسألة ابن إبراهيم: لا يعجبني أن يمنعه، قال في الانتصار: فاستحب أن لا يمنعه. أهـ .
أما مسألة الحج دون تصريح: فقد بينا حكمها في الفتوى: 12859.
والله أعلم.