السؤال
فعلت معصية قبل أشهر, وبعدها حلفت أن لا أرجع إليها فرجعت لها, فدفعت الكفارة وأخرجتها, وبعد مدة حلفت مرة ثانية أن لا أفعلها وفعلتها, فهل تلزمني كفارة أخرى؟ حيث إنني سمعت أن الحلف المتعدد على شيء واحد يستوجب كفارة واحدة فقط, ولكني في المرة الثانية حلفت ألا أمارسها, وأن لا أخرج المني دون وجه حق, لكن الذي خرج ليس منيا؛ لأنه لم يتدفق, ولم يخرج مسرعا, والذي خرج سائل بسيط بعد مداعبة الذكر بالأرض, فهل هو مني؟
وأتمنى منك - يا شيخ - الدعاء فقد دمرتني المعاصي وشهوة النساء, بارك الله فيكم, وجزاكم الله كل خير.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه, أما بعد:
فما دمت قد حنثت في اليمين الثانية بعد أن أخرجت الكفارة عن اليمين الأولى فإنه تلزمك كفارة عن اليمين الثانية باتفاق الفقهاء, وما ذكرته من أن الكفارة لا تتعدد بتعدد الأيمان فهذا - عند من يقول به - إنما يكون فيما لو حنثت في اليمين الثانية قبل أن تكفر عن اليمين الأولى, على خلاف بين الفقهاء في تداخل الكفارة في هذه الحال, جاء في الموسوعة الفقهية: لا خلاف في أن من حلف يمينا فحنث فيها وأدى ما وجب عليه من الكفارة، أنه لو حلف يمينا أخرى وحنث فيها تجب عليه كفارة أخرى، ولا تغني الكفارة الأولى عن كفارة الحنث في هذه اليمين الثانية، وإنما الخلاف فيمن حلف أيمانا وحنث فيها, ثم أراد التكفير، هل تتداخل الكفارات فتجزئه كفارة واحدة؟ أو لا تتداخل فيجب عليه لكل يمين كفارة؟ تتداخل الكفارات على أحد القولين عند الحنفية، وأحد الأقوال عند الحنابلة، ولا تتداخل عند المالكية ولا الشافعية. اهــ
والظاهر أن السائل الذي وصفت خروجه منك هو مذي وليس منيا، ولكن كونه ليس منيا لا يسقط عنك الكفارة؛ لأنك حلفت على عدم فعل شيئين بتكرار حرف النفي كما جاء في السؤال، فأنت حلفت " ألا تمارسها, ولا تخرج المني بدون وجه حق" فهذان شيئان محلوف عن كل منهما, وتلزم الكفارة بفعل واحد منهما.
جاء في أسنى المطالب: فإن قال: لا أكلم زيدا ولا عمرا ... فيمينان, لإعادة حرف النفي فيحنث بكل منهما...اهــ.
وقال ابن قدامة في المغني: وإن قال: والله لا كلمت زيدا ولا عمرا, حنث بكلام كل واحد منهما بغير إشكال؛ فإن هذا يقتضي ترك كلام كل واحد منهما منفردا. اهــ
فإذا كنت حلفت أن لا تفعل تلك العادة, ولا تخرج المني فإنه تلزمك كفارة بفعل واحد منهما, ونسأل الله أن يطهر قلبك, ويحصن فرجك, وانظر الفتوى رقم: 165189 عن طريق العفة والتخلص من العادة السرية.
والله تعالى أعلم.