السؤال
هل من حق الزوج التدخل في اختيارات زوجته السياسية؟ وهل سيسأل عنها وعن اختياراتها - سواء كانت صحيحة أم خاطئة - وتندرج تحت الحديث الشريف: "كلكم راع ومسئول عن رعيته"؟ أم أنها حرية شخصية للزوجة, ولا يسأل الزوج عنها؟
هل من حق الزوج التدخل في اختيارات زوجته السياسية؟ وهل سيسأل عنها وعن اختياراتها - سواء كانت صحيحة أم خاطئة - وتندرج تحت الحديث الشريف: "كلكم راع ومسئول عن رعيته"؟ أم أنها حرية شخصية للزوجة, ولا يسأل الزوج عنها؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
ففي مثل هذه الأمور ينبغي أن يراعى حدود الخلاف الفقهي السائغ المعتبر، فإن هذا النوع من الخلاف ليس من مواضع الإنكار، وإنما هو التناصح والنقاش، ومن شروط المنكر الذي ينبغي إنكاره أن لا يكون من هذه المسائل المختلف فيها اختلافا سائغا, وراجعي في ذلك الفتويين: 36372، 124424.
فإن كان الخلاف بين الزوجين في مثل هذا النوع من المسائل، فلا ينبغي للزوج أن يلزم امرأته باختياره فيها، إلا أن يعود اختيارها عليه بضرر، في حين لا يعود اختياره عليها بضرر, وقد سبق لنا بيان حكم طاعة الزوج في المسائل الخلافية، ونبهنا على أن الزوجة لو اعتقدت تحريم شيء أو وجوبه فلا يجوز لها طاعة زوجها في فعل الحرام وترك الواجب الذي تعتقده، حتى ولو كان في ذلك خلاف سائغ، بخلاف ما كان خارجا عن دائرة الواجب والمحرم فألزمها زوجها بفعله أو تركه، ورجحنا أنه يلزمها طاعته في حدود قدرتها، وقد نص الفقهاء على أن المسائل الخلافية تجب طاعة من تجب طاعته من والد وزوج إذا أمر بأحد الوجهين فيها, ولم يكن أمره موجبا للوقوع فيما ترجح تحريمه، وقالوا: من وجبت طاعته وجبت في المباح إلا لضرر؛ فهي تشبه طاعة الوالد وطاعة ولي الأمر, وراجعي في تفصيل ذلك الفتوى رقم: 130355.
ومسائل السياسة في الغالب تبنى على الاجتهاد والنظر، ويكون للخلاف فيها متسع، فلا ينبغي أن يجعل ذلك مثارا للاختلافات بين الزوجين، ولا أن يجعل الزوج من قوامته على زوجته أن يتحكم في اختيارها لما تراه راجحا.
وأما إن كان الأمر يتعلق بواجب أو محرم، فالحال يختلف، كأن يكون الخلاف في مرشحين، أحدهما يتبنى مشروعا إسلاميا، والآخر يتبنى مشروعا مناقضا للإسلام, وراجعي للفائدة الفتوى رقم: 180371.
وقد سبق لنا بيان حدود مسئولية الزوج عن زوجته في الفتوى رقم: 58787.
والله أعلم.