مذاهب العلماء في صلاة من ترك التشديد في الفاتحة

0 632

السؤال

ما هي أقوال العلماء، أو المذاهب بالتفصيل في مسألة ترك الشدة في الفاتحة هل تبطل الصلاة أو لا؟ وجزاكم الله كل خير إخواني.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فأما الحنفية، فمذهبهم في ترك التشديد أنه لا يبطل الصلاة إن كان لا يتغير به المعنى، وإن غير المعنى ففي بطلان الصلاة به خلاف.

قال في المحيط البرهاني: ترك المد والتشديد في موضعهما، والإتيان بهما في غير موضعهما إن كان لا يغير المعنى، ولا يقبح الكلام، لا يوجب فساد الصلاة، وإن كان يغير المعنى، ويقبح الكلام، اختلف المشايخ قال بعضهم: لا تفسد صلاته دفعا للحرج، وقال عامتهم: تفسد صلاته.

وقال في البناية: وعند عامة مشايخنا لو ترك التشديد من إياك، ومن رب العالمين يعيد، والمختار أنه لا يعيد صلاته.

وأما المالكية فقد نقل الحطاب في مواهب الجليل عن ابن الحاج وجوب المحافظة على شدات الفاتحة وأن من لم يتقن ذلك فصلاته باطلة، قال الحطاب: قال في المدخل في تفقد العالم أحوال أهله: ومن أهم الأشياء وآكدها تفقد القراءة إذ القراءة على ثلاثة أقسام: واجبة وسنة وفضيلة، فالواجبة قراءة أم القرآن على كل مصل بجميع حروفها وحركاتها وشداتها؛ لأن من لم يحكم ذلك فصلاته باطلة إلا أن يكون مأموما، انتهى 

ومذهب المالكية في اللحن في القراءة عموما فصله الدسوقي بقوله: وحاصل المسألة أن اللاحن إن كان عامدا، بطلت صلاته، وصلاة من خلفه، باتفاق؛ وإن كان ساهيا، صحت باتفاق؛ وإن كان عاجزا طبعا لا يقبل التعليم فكذلك، لأنه ألكن، وإن كان جاهلا يقبل التعليم فهو محل الخلاف سواء أمكنه التعلم أم لا، وسواء أمكنه الاقتداء بمن لا يلحن أم لا، ولا فرق بين اللحن الجلي والخفي في جميع ما تقدم. قاله أبو علي المسناوي.

 ومذهب الشافعية: أن من ترك التشديد في كلمة من الفاتحة لم يعتد بها، ولا بد من إعادتها، وإلا لم يجزه ذلك، لوجوب مراعاة الشدات في القراءة لمن كان قادرا.

قال في تحفة المنهاج: ويجب رعاية تشديداتها، فلو عبر بها لكان أولى، وهي أربع عشرة شدة منها ثلاث في البسملة، فلو خفف منها تشديدة بطلت قراءة تلك الكلمة لتغييره النظم، بل قال في الحاوي والبحر: لو ترك الشدة من قوله (إياك) متعمدا وعرف معناه أنه يكفر؛ لأن الإيا ضوء الشمس، فكأنه قال: نعبد ضوء الشمس، وإن كان ناسيا أو جاهلا سجد للسهو، ولو شدد المخفف أساء وأجزأه؛ كما قال الماوردي والروياني.

وقال المرداوي الشافعي في الحاوي: فأما تشديد آيات الفاتحة في الصلاة فهي أربع عشرة تشديدة، فإن ترك التشديد لم يجز, لأن الحروف المشددة تقوم مقام حرفين، فإذا ترك التشديد صار كأنه قد ترك حرفا, فلذلك لم يجز.

وأما مذهب الحنابلة فهو نظير مذهب الشافعية.

قال ابن قدامة في المغني: فصل: يلزمه أن يأتي بقراءة الفاتحة مرتبة مشددة، غير ملحون فيها لحنا يحيل المعنى، فإن ترك ترتيبها، أو شدة منها، أو لحن لحنا يحيل المعنى، مثل أن يكسر كاف (إياك) ، أو يضم تاء (أنعمت) ، أو يفتح ألف الوصل في (اهدنا) ، لم يعتد بقراءته، إلا أن يكون عاجزا عن غير هذا. ذكر القاضي نحو هذا في (المجرد)، وهو مذهب الشافعي. وقال القاضي في (الجامع): لا تبطل بترك شدة؛ لأنها غير ثابتة في خط المصحف، هي صفة للحرف، ويسمى تاركها قارئا، والصحيح الأول؛ لأن الحرف المشدد أقيم مقام حرفين.

وقال في المبدع: إذا ترك شدة منها لزمه استئنافها، لأن الشدة أقيمت مقام حرف، ومن ترك حرفا منها فكأنه لم يقرأها، لأن المركب ينعدم بعدم جزء من أجزائه، وذكر القاضي في الجامع أنها لا تبطل بترك شدة لأنها غير ثابتة في خط المصحف، وإنما هي صفة للحرف، ويسمى تاركها قارئا للفاتحة، ولا يختلف المذهب أنه إذا لينها، ولم يحققها على الكمال أنه لا يعيد الصلاة، لأن ذلك لا يحيل المعنى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة