السؤال
حكم من سب دين شخص اعتقادا منه أنه نصراني، وبعد ذلك عرف أنه مسلم؟
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فنقول ابتداء: ينبغي أن يعلم أن سب الدين المحرف الذي حرفه النصارى وإن كان يجوز في الأصل؛ إلا أنه قد يمنع منه إذا كانوا سيقابلون سب دينهم بسب ديننا، أو نبينا صلى الله عليه وسلم. قال الله تعالى: ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم ... {الأنعام : 108}.
قال القرطبي في تفسيره: فمتى كان الكافر في منعة وخيف أن يسب الإسلام، أو النبي عليه السلام، أو الله عز وجل، فلا يحل لمسلم أن يسب صلبانهم، ولا دينهم، ولا كنائسهم، ولا يتعرض إلى ما يؤدي إلى ذلك؛ لأنه بمنزلة البعث على المعصية ... اهــ.
وقال ابن عثيمين رحمه الله: وسب الباطل، وبيان منزلته للناس أمر مطلوب لا بد منه.. ولكن إذا كان يترتب على ذلك مفسدة أكبر، مع إمكان زوال الباطل بدون هذه المفسدة.. فإن الله يقول: {ولا تسبوا الذين يدعون من دون الله فيسبوا الله عدوا بغير علم كذلك زينا لكل أمة عملهم ثم إلى ربهم مرجعهم فينبئهم بما كانوا يعملون} ومعلوم أنهم إذا سبوا الله فإنهم يسبونه عدوا بغير علم ... اهــ .
وقد سبق لنا أن أصدرنا فتوى برقم: 50065 عن حكم سب دين النصارى.
وأما عن السؤال، فإن كان القصد أن شخصا سب دين شخص آخر معتقدا أنه نصراني، ثم علم أنه مسلم، فالجواب أن من سب دين مسلم ظانا أنه نصراني، فإنه لا يكفر بذلك السب؛ لأنه لم يقصد سب الإسلام، وإنما قصد سب الكفر الذي عليه النصراني, والمرء لا يؤاخذ بما لم يتعمده. قال الله تعالى: { ... وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما } الأحزاب : 5.
قال ابن كثير : وإنما الإثم على من تعمد الباطل . اهــ.
وقال الشوكاني في فتح القدير: { وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به } أي لا إثم عليكم فيما وقع منكم من ذلك خطأ من غير عمد.
والله تعالى أعلم