السؤال
ما حكم من يقول بفناء الجنة أو النار؟ وهل له تأويل يعذر به ويكون مانعا من تكفيره؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالقول بفناء الجنة والنار قول مبتدع, مخالف لما عليه أهل السنة والجماعة, وقد نص بعض أهل العلم على التكفير به؛ لما فيه من رد النصوص الدالة على عدم فنائهما.
قال الطحاوي في عقيدته المشهورة: والجنة والنار مخلوقتان، لا تفنيان ولا تبيدان.
وقال ابن حزم في كتابه الملل والنحل: اتفقت فرق الأمة كلها على أن لا فناء للجنة ولا لنعيمها، ولا للنار ولا لعذابها، إلا الجهم بن صفوان.
وقال ابن أبي العز في شرح الطحاوية: وقال بفناء الجنة والنار الجهم بن صفوان إمام المعطلة، وليس له سلف قط، لا من الصحابة, ولا من التابعين لهم بإحسان، ولا من أئمة المسلمين، ولا من أهل السنة, وأنكره عليه عامة أهل السنة، وكفروه به. اهـ
وقال شيخ الإسلام ابن تيمية في الصفدية: والجهم هو أول من أظهر هذا الكلام في الإسلام, وطرد قياسه بأن ما كان له ابتداء فلا بد أن يكون له انتهاء, وأن الدليل الدال على امتناع ما لا يتناهى لا يفرق بين الماضي والمستقبل, فقال بفناء الجنة والنار, وكان هذا مما أنكره عليه سلف الأمة وأئمتها. اهـ
وقال في منهاج السنة: قالوا - أي جمهور أهل السنة القائلين بالتعليل -: والتسلسل في المستقبل جائز عند جماهير المسلمين، وغيرهم من أهل الملل، وغير أهل الملل، فإن نعيم الجنة والنار دائم مع تجدد الحوادث فيهما، وإنما أنكر ذلك الجهم بن صفوان، فزعم أن الجنة والنار تفنيان، وأبو الهذيل العلاف زعم أن حركات أهل الجنة والنار تنقطع، ويبقون في سكون دائم؛ وذلك لأنهم اعتقدوا أن التسلسل في الحوادث ممتنع في الماضي والمستقبل, قالوا هذا القول الذي ضللهم به أئمة الإسلام. اهـ
وقال - رحمه الله - أيضا في كتابه بيان تلبيس الجهمية: وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية، كالجنة, والنار, والعرش, وغير ذلك، ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين، كالجهم بن صفوان, ومن وافقه من المعتزلة, ونحوهم، وهذا قول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع سلف الأمة وأئمتها. اهـ
هذا، وننبه إلى أن تكفير المعين لا بد له من شروط, ذكرناها في الفتاوى التالية أرقامها: 721 - 195697 - 106483.
والله أعلم.