السؤال
لي جار مريض نفسيا, وهو يسكن في الطابق الأسفل مني, ويعتقد دائما أني أتعمد إيذاءه عن طريق تحريك بعض قطع الأثاث, وأقسم بالله أن ذلك لا يحدث, وفي مقابل ذلك لا يكف عن إيذائي عن طريق رفع صوت المذياع والتلفاز في أوقات متأخرة من الليل, ووضع بعض القاذورات على النافذة الخاصة به مما يؤدي إلى انبعاث روائح كريهة تؤذيني وأسرتي, وهو لا يعمل, ولكن الله رزقه رزقا واسعا, وحاولت مرارا وتكرارا التحدث معه, وأحيانا توسيط بعض الجيران وإمام المسجد, وقمت بتحرير محضر له في القسم, ولكن دون جدوى؛ لدرجة أني عرضت شقتي للبيع؛ حيث إني بثمنها أستطيع شراء أخرى, ولكن حالة السوق لا تسمح الآن, فدلوني - بالله عليكم - ماذا أفعل؟ فأنا طول النهار بعملي, وأخاف أن يؤذي زوجتي وأطفالي, وفي نفس الوقت أنا أقضي معظم الوقت في عملي فأغيثوني – أرجوكم -.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإرشادنا لك في التعامل مع هذا الجار المصاب بالمرض النفسي يتلخص في أمرين:
1 - أن تصبر على أذى هذا الجار ما دمت في جواره, وأن تقابل الإساءة منه بالإحسان، وأن لا تجاريه في سيء فعله، وأن تحتسب المثوبة في ذلك على الله تعالى، فقد قال سبحانه: ولا تستوي الحسنة ولا السيئة ادفع بالتي هي أحسن فإذا الذي بينك وبينه عداوة كأنه ولي حميم * وما يلقاها إلا الذين صبروا وما يلقاها إلا ذو حظ عظيم {فصلت:34/35}.
قال الزحيلي: أي وما يلهم هذه الوصية أو هذه الخصلة إلا الذين صبروا على أذى الناس، فعاملوهم بالجميل في مقابلة القبيح، وما يلهمها إلا صاحب الحظ العظيم في الدنيا والآخرة.
وراجع الفتوى رقم: 97784 .
2 - أن تجتهد في كف أذاه بالطرق المشروعة عن طريق الشرطة, أو عن طريق العقلاء من أهله, وبالبحث عن سكن ملائم تنتقل إليه, وتأمن فيه أنت وأهلك من أذاه, فجار السوء حري بالنأي عنه، فقد قال صلى الله عليه وسلم: استعيذوا بالله من شر جار المقام. رواه الحاكم في المستدرك, وقال: على شرط الشيخين، وصححه الألباني.
قال المناوي معلقا: وفيه إيماء إلى أنه ينبغي تجنب جار السوء, والتباعد عنه بالانتقال عنه - إن وجد لذلك سبيلا -.
وفي البيان والتحصيل: قال محمد بن رشد: المحنة بالجار السوء عظيمة، وقد روي عن مالك - رحمه الله - أن الدار ترد من سوء الجوار, فالاستعاذة بالله منه واجبة.
والله أعلم.