السؤال
لقد حصل خلاف بيني وبين زوجتي، وفي الأثناء قالت لي: ما أنا بالنسبة لك؟ فقلت لها غاضبا: أنت أمي، ولم أكن أقصد الظهار من قولي هذا.
فهل تلفظي بهذا يعتبر ظهارا وما الحكم الشرعي المترتب علي، علما أنه تم جماع بعد هذا الموقف؟
أفيدوني وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقولك لزوجتك : " أنت أمي" ليس صريحا في الظهار، وإنما هو كناية فيه.
قال البهوتي الحنبلي (رحمه الله): وإن قال أنت أمي، أو كأمي فليس بظهار إلا مع نية أو قرينة. الروض المربع شرح زاد المستقنع.
لكن صدور هذا اللفظ حال غضب وخصومة بينك وبين زوجك، قرينة تصرفه إلى الظهار.
ففي مطالب أولي النهى في شرح غاية المنتهى: وإن قال لها: أنت أمي، أو أنت كأمي، أو أنت مثل أمي، ولم يقل علي، أو مني، أو معي. ليس بظهار إلا مع نية ظهار، أو قرينة من خصومة أو غضب . اهـ.
هذا هو الذي عليه الحنابلة، ووافقهم محمد بن الحسن، وكذا المالكية فيما إذا لم تكن له نية، بينما ذهب الشافعية، والحنفية إلى أنه لا يكون مظاهرا بهذا اللفظ ما لم يقصد به الظهار.
ففي المنتقى للباجي: (فرع ): وإن أثبت للجملة حكم الجملة، فقال: أنت علي كأمي. فقد قال مالك: هو مظاهر. قال الشيخ أبو القاسم: كانت له نية أو لم تكن. قال ابن القاسم: وكذلك إذا قال لها: أنت أمي. قال القاضي أبو محمد: خلافا لأبي حنيفة، والشافعي في قوليهما إن لم ينو الظهار، فإنه محمول على البر, والكرامة, وهذا يقتضي أن يكون مظاهرا إن لم تكن له نية جملة, وأما إن كانت له نية الإكرام, والبر، فيجب أن لا يكون مظاهرا, والدليل على ما نقوله أنه وجد منه تشبيه امرأته بأمه دون نية تصرف ذلك في التحريم، فوجب أن يكون مظاهرا.
وانظر الفتوى رقم: 188809.
وعلى القول بأن هذا ظهار، فقد كان عليك أن تكفر كفارة الظهار قبل أن تمس زوجتك، وعليك الآن أن تمتنع عنها حتى تكفر كفارة الظهار.
قال ابن قدامة (رحمه الله): ".. قد ذكرنا أن المظاهر يحرم عليه وطء زوجته قبل التكفير؛ لقول الله تعالى في العتق، والصيام: {من قبل أن يتماسا} [المجادلة: 3] . فإن وطئ عصى ربه لمخالفة أمره، وتستقر الكفارة في ذمته، فلا تسقط بعد ذلك بموت، ولا طلاق، ولا غيره، وتحريم زوجته عليه باق بحاله، حتى يكفر. هذا قول أكثر أهل العلم. المغني لابن قدامة.
وراجع في كفارة الظهار الفتوى رقم: 192.
وليس من شك في أن الأخذ بالقول الذي يجعل ما صدر منك ظهارا، أحوط وأبرأ للذمة، لكنك إذا رأيت الأخذ بالقول الآخر، ثقة منك في القائلين به وليس تتبعا للرخص، فإننا لا نرى عليك حرجا في ذلك؛ لكن تقليد أي مذهب لا يجوز أن يكون من باب تتبع الرخص، بل الواجب التقيد في ذلك بالضوابط التي حددها أهل العلم؛ وراجع فيها الفتوى رقم: 5592.
والله أعلم.