تربية الأولاد مسؤولية الوالدين

0 333

السؤال

كثيرا ما نلوم أنفسنا على تقصيرنا في تربية أبنائنا على الوجه الذي يرضاه الله، فمن خلال متابعتنا للبرامج الدينية، والثقافية، والنفسية على القنوات الفضائية، والآفاق الواسعة التي تفتحها للمربين للعمل على تربية الأبناء تربية سليمة، ناضجة، متدينة تحب الله ورسوله. ومن خلال النماذج الناجحة التي تعرضها لنا لآباء وأمهات أحسنوا تربية أبنائهم تربية ناجحة صالحة؛ فإن الحزن يداخل أنفسنا لجهلنا لكثير من طرائق التربية حتى وقعنا في هذا التقصير، ولو كانت الفضائيات موجودة في زمان تربيتنا لأبنائنا في ذلك الزمان لكانت تربيتنا لهم أفضل من كافة النواحي. فكيف سنلقى الله على تقصيرنا في حق تربيتنا لهم ؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فلا شك أن تربية الأولاد واجبة على الأبوين، ومن فرط وقصر في هذا الواجب، كان آثما؛ فإن الله تعالى يقول: يا أيها الذين آمنوا قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة عليها ملائكة غلاظ شداد لا يعصون الله ما أمرهم ويفعلون ما يؤمرون {التحريم:6}.

قال علي رضي الله عنه: علموهم وأدبوهم.

وقال الحسن: مروهم بطاعة الله، وعلموهم الخير.

وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كلكم راع، وكلكم مسؤول عن رعيته، فالأمير راع على الناس وهو مسؤول عن رعيته، والرجل راع على أهل بيته، وامرأة الرجل راعية على بيت بعلها وولده وهي مسؤولة عنهم، وعبد الرجل راع على مال سيده وهو مسؤول عنه، ألا فكلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته. رواه البخاري.
وإن من قبح هذا الذنب أن يمنع وصول الخير والنفع للأبوين من جهة أولادهم.

قال ابن القيم رحمه الله: وقال بعض أهل العلم إن الله سبحانه يسأل الوالد عن ولده يوم القيامة قبل أن يسأل الولد عن والده؛ فإنه كما أن للأب على ابنه حقا فللابن على أبيه حق، فكما قال تعالى: ((ووصينا الإنسان بوالديه حسنا)). قال تعالى: ((قوا أنفسكم وأهليكم نارا وقودها الناس والحجارة)) .... فمن أهمل تعليم ولده ما ينفعه، وتركه سدى، فقد أساء إليه غاية الإساءة، وأكثر الأولاد إنما جاء فسادهم من قبل الآباء وإهمالهم لهم، وترك تعليمهم فرائض الدين وسننه، فأضاعوهم صغارا فلم ينتفعوا بأنفسهم ولم ينفعوا آباءهم كبارا. انتهى.
وقد ذكر أهل العلم القدر الواجب في تربية الأولاد وتأديبهم، حتى يعرف أولياء أمورهم ما يجب عليهم من ذلك، ويتبين لهم إن كانوا مقصرين أم لا.

فقد جاء في الموسوعة الفقهية الكويتية: يؤدب الصبي بالأمر بأداء الفرائض والنهي عن المنكرات بالقول، ثم الوعيد، ثم التعنيف، ثم الضرب، إن لم تجد الطرق المذكورة قبله. انتهى.

وجاء فيها أيضا: على الآباء، والأمهات، وسائر الأولياء تعليم الصغار ما يلزمهم بعد البلوغ، فيعلم الصغير ما تصح به عقيدته من إيمان بالله، وملائكته، وكتبه، ورسله، واليوم الآخر، وما تصح به عبادته، ويعرفه ما يتعلق بصلاته وصيامه وطهارته ونحوها، وذلك لقول النبي صلى الله عليه وسلم: مروا أولادكم بالصلاة وهم أبناء سبع سنين، واضربوهم عليها وهم أبناء عشر سنين، وفرقوا بينهم في المضاجع. ويعرفه تحريم الزنا واللواط، والسرقة، وشرب المسكر والكذب والغيبة وشبهها، كما يعلم أنه بالبلوغ يدخل في التكليف، ويعرف ما يبلغ به. وقيل هذا التعليم مستحب، ونقل الرافعي عن الأئمة وجوبه على الآباء والأمهات، وهذا ما صححه النووي. انتهى.
فالواجب على من قصر في القدر الواجب من تربية أولاده التوبة من هذا الذنب، وتدارك ما يمكن تداركه من تربيتهم ونصحهم وتوجيههم قدر المستطاع، والدعاء لهم بظهر الغيب أن يصلحهم ويهديهم. وأما عدم إدراك الوالد لأساليب التربية الجيدة والمؤثرة التي عرفها من التربويين بعد الفضائيات، فغير موقع له في الإثم ما دام قد أدى الواجب. وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى: 133304.
وللوقوف على الأساليب الصحيحة في تربية الأطفال يرجى مراجعة هذه الفتاوى: 117469، 117555، 17078، 55386.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات