السؤال
من درس الناس تدريسا خاطئا, ولم يكن متعمدا – لجهله, وظنه أنه على الحق -وبعد مرور الأيام تبين أنه خاطئ؛ فندم وتاب في قلبه، ولكنه يستحيي من الناس أن يرجع عن كلامه مباشرة، فانتظر أياما أو أسبوعا لإعداد نفسه لإعلان خطئه, وتصويبه أمام الناس - لشدة حيائه - ثم بعد ذلك أعلن خطأه, وتراجع عن كلامه الخاطئ, وبين الحق في المسألة أمام الناس, فهل تمهله وعدم مباشرة الإعلان والتصويب كفر وردة؟ وهل بكلامه الخاطئ الذي لم يتراجع عنه فورا يعتبر إبقاء للباطل, وتشريعا لشريعة جديدة من عنده؟ - ومن غير حكم الله أو شريعة الله تغييرا فهو كافر - وهل كل من قال على الله بغير علم كافر مرتد على الإطلاق؟ أم أن هناك تفصيلا في هذه المسألة؟
بارك الله فيكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فينبغي على كل مسلم عدم الكلام في دين الله إلا بعلم, ومن تكلم بغير ذلك فقد أخطأ طريق الصواب, والقول على الله تعالى بغير علم من الكبائر العظيمة المحرمة, قال تعالى: قل إنما حرم ربي الفواحش ما ظهر منها وما بطن والإثم والبغي بغير الحق وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون {الأعراف:33} وينبغي على فاعل ذلك المبادرة بالتوبة إلى الله, وعدم العودة إلى ذلك مرة أخرى, ويترك أمر الكلام في الدين إلى أهله وحملته والعارفين به.
ولا يعد كافرا ولا مرتدا من أخطأ في الكلام في مسألة دينية بغير علم, ثم تمهل مدة قبل أن يخبر الناس بعد معرفته للصواب، وإن كان يلزمه أن يبلغ الصواب ويبين الخطأ ساعة معرفته؛ حتى لا يتحمل إثم من يعمل بقوله, ولعله يأتيه الأجل قبل البلاغ.
كما أنه لا يعد بذلك مشرعا للشريعة, ولا مبقيا للباطل, لكنه مخطئ بترك المبادرة إلى بيان الصواب, ويلزمه التوبة من ذلك، والمشرع هو الذي شرع شرعا آخر غير شرع الأنبياء, كما قال ابن تيمية: ومن ترك شرع الأنبياء وابتدع شرعا فشرعه باطل لا يجوز اتباعه, كما قال: "أم لهم شركاء شرعوا لهم من الدين ما لم يأذن به الله" [سورة الشورى 21].
وأما القائل بغير علم: فليس له حكم واحد، بل يختلف باختلاف حاله وقوله، فقد يكون القول معصية, وقد يكون كفرا، والقائل قد يكون فاسقا أو كافرا، وقد يكون غير فاسق ولا كافر لوجود مانع من الموانع.
وانظر للفائدة هذه الفتاوى: 51199. 14585. 121629.
والله أعلم.