السؤال
رغم أنكم قلتم: إن مجرد وضع كريم الأساس ليس من التبرج, إلا أنكم قلتم مع ذلك: لا يجوز أن تضعه المرأة أمام رجال أجانب, فلماذا؟
رغم أنكم قلتم: إن مجرد وضع كريم الأساس ليس من التبرج, إلا أنكم قلتم مع ذلك: لا يجوز أن تضعه المرأة أمام رجال أجانب, فلماذا؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد سبق لنا في الفتوى التي أشارت إليها السائلة, وهي برقم: 19191 بيان معنى التبرج، ومنها يتضح أن التزين بمجرده ليس تبرجا، لكن إن أظهرته المرأة لمن لا يحل له النظر إليه كان تبرجا, ويوضح ذلك ما رواه ابن أبي حاتم في تفسيره عن أم الضياء أنها قالت: دخلت على عائشة فقلت: يا أم المؤمنين, ما تقولين في الخضاب, والنفاض, والصباغ, والقرطين, والخلخال, وخاتم الذهب, وثياب الرقاق؟ فقالت: يا معشر النساء, قصتكن كلها واحدة، أحل الله لكن الزينة غير متبرجات، أي: لا يحل لكن أن يروا منكن محرما.
ويزيد ذلك وضوحا أن الله تعالى لما أباح للعجائز من النساء أن يضعن الجلباب قيد ذلك بعدم التبرج بإظهار الزينة، قال تعالى: والقواعد من النساء اللاتي لا يرجون نكاحا فليس عليهن جناح أن يضعن ثيابهن غير متبرجات بزينة [النور: 60] قال ابن عطية في المحرر الوجيز: استثني عليهن في وضع الثياب أن لا يقصدن به التبرج وإبداء الزينة، فرب عجوز يبدو منها الحرص على أن يظهر لها جمال, ونحو هذا؛ مما هو أقبح الأشياء وأبعده عن الحق، والتبرج: طلب البدو والظهور للعيون، ومنه (بروج مشيدة) [النساء: 78] وأصل ذلك بروج السماء والأسوار. اهـ.
وقال ابن عاشور في التحرير والتنوير: قيد هذا الإذن بالحال وهو غير متبرجات بزينة، أي وضعا لا يقارنه تبرج بزينة, والتبرج: التكشف, والباء في بزينة للملابسة, فيؤول إلى أن لا يكون وضع الثياب إظهارا لزينة كانت مستورة, والمراد: إظهار ما عادة المؤمنات ستره, قال تعالى: ولا تبرجن تبرج الجاهلية الأولى [الأحزاب: 33] فإن المرأة إذا تجلت بزينة من شأنها إخفاؤها إلا عن الزوج، فكأنها تعرض باستجلاب استحسان الرجال إياها, وإثارة رغبتهم فيها، وهي وإن كانت من القواعد فإن تعريضها بذلك يخالف الآداب, ويزيل وقار سنها، وقد يرغب فيها بعض أهل الشهوات لما في التبرج بالزينة من الستر على عيوبها, أو الإشغال عن عيوبها بالنظر في محاسن زينتها, فالتبرج بالزينة: التحلي بما ليس من العادة التحلي به في الظاهر من تحمير, وتبييض, وكذلك الألوان النادرة. اهـ.
وبالجملة، فلا يجوز للمرأة وضع الأصباغ والكريمات ونحوها من أنواع الزينة إذا خرجت من بيتها وهي كاشفة وجهها؛ لقول الله تعالى: ولا يبدين زينتهن إلا ما ظهر منها [النور:31], وراجعي في ذلك الفتويين: 20766، 97550.
والله أعلم.