هل يلزم التائب من الربا التخلص من مال الربا؟

0 222

السؤال

أنا فتاة أريد معرفة كيفية التخلص من ذنب الربا, لكني لست من فعل ذلك, بل هي أمي, علما أنها كانت جاهلة أنه حرام, وأنا كنت حينئذ صغيرة, ونبهناها أنه حرام, لكنها لم تقتنع - وأنتم تعرفون العقليات القديمة وجهلها بالدين الإسلامي - وهي كانت تخبئ مبلغا ماليا في البنك لتجهيزي؛ لأني يتيمة, وليس عندي من يجهزني, وكل سنة تأتي لها فوائد, وهي كانت تستعملها في شراء أثاث البيت - لكنا لم نكن نأكلها - وكانت تحتج بأننا فقراء, وقد أخرجنا كل المبلغ من البنك, وبنينا به جزءا من بيتنا, وبعد مرور سنين حدثت لنا عدة مشاكل: منها: أن أمي مرضت, وحدث تعطل واضح في حياتنا, وكل الناس استغربوا وضعنا, فأرجو منكم أن تفتوني عن كيفية التوبة من هذا الذنب الماضي, مع أننا لم يتبق لنا مال في هذا البنك الربوي؛ لأننا لم يكن عندنا مبلغ كبير, فهل نتصدق بين الحين والآخر بنية الدراهم التي اشترينا بها الأثاث أم ماذا؟ وجزاكم الله الخير.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التائب من الربا يلزمه التخلص من مال الربا عند أكثر العلماء؛ وذلك بالتصدق به على الفقراء أو في مصالح المسلمين.

لكن من كان فقيرا فله أن ينفق على نفسه من المال الحرام بقدر حاجته، قال الإمام النووي - رحمه الله -: وله - أي: حائز المال الحرم - أن يتصدق به على نفسه وعياله - إن كان فقيرا - وله أن يأخذ قدر حاجته لأنه أيضا فقير. اهـ

فإن كنتم فقراء واستهلكتم الأموال الربوية في حاجتكم فلا يلزمكم شيء، وأما إن كنتم أغنياء أو استهلكتموها في غير حاجتكم فيلزمكم التخلص من قدر تلك الأموال الربوية.

قال الدكتور عباس الباز في رسالته: المال الحرام وضوابط الانتفاع والتصرف به في الفقه الإسلامي: إن كان الفقير قد أنفق المال الحرام لغير حاجته، أو كان عنده من المال الحلال ما يكفيه مؤنة الإنفاق من غيره إلا أنه أنفق على نفسه من المال الحرام، فإنه في هذه الحالة يكون متعديا بهذا الإنفاق؛ لأنه غير مأذون له به؛ لعدم وجود ما يبرره - وهو الفقر والحاجة -فإذا تاب هذا المسلم مما فعل تعين عليه أن يبرئ ذمته. اهـ.

واختار شيخ الإسلام ابن تيمية أن التائب من الربا له ما سلف، ولا يلزمه التخلص من الربا مطلقا، جاء في الفروع: واختار شيخنا فيمن كسب مالا محرما برضا الدافع ثم تاب - كثمن خمر, ومهر بغي, وحلوان كاهن - أن له ما سلف للآية - يعني قوله تعالى: "فمن جاءه موعظة من ربه فانتهى فله ما سلف وأمره إلى الله" {البقرة:275} - ولم يقل الله: فمن أسلم ولا من تبين له التحريم. اهـ

فعلى قوله - رحمه الله - لا يلزمكم أن تخرجوا شيئا. وانظر الفتاوى: 3519 ، 68848 ، 157731.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة