0 288

السؤال

سؤالي هو: عندما أقول "سبحان الله وبحمده, سبحان الله العظيم" مائة مرة.
هل أستطيع أن أنوي الجزء الأول من التسبيح وهو "سبحان الله وبحمده" كذكر الصباح والمساء كما ذكر في باب الذكر في رياض الصالحين؛ لضرب عصفورين بحجر؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فمن أتم قول سبحان الله وبحمده مائة مرة، نرجو له حصول ما ورد في ثوابها، سواء قالها وحدها أو أضاف لها سبحان الله العظيم. فقد أخرج الإمام ‏البخاري في صحيحه من حديث أبي هريرة- ‏رضي الله عنه- ‏ ‏أن رسول الله ‏ ‏صلى الله عليه وسلم ‏ ‏قال:‏ ‏من قال: سبحان الله وبحمده في يوم مائة مرة، حطت خطاياه وإن كانت مثل زبد البحر. وفي رواية لمسلم: من قال حين يصبح وحين يمسي: سبحان الله وبحمده مائة مرة، لم يأت أحد يوم القيامة بأفضل مما جاء به إلا أحد قال مثل ما قال أو زاد.

 وقد جاء الترغيب فيهما معا في حديث آخر صحيح، لكن من غير تحديد بعدد، وذلك ما أخرجه البخاري ومسلم عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كلمتان حبيبتان إلى الرحمن، خفيفتان على اللسان، ثقيلتان في الميزان: سبحان الله وبحمده، سبحان الله العظيم.

وقد جاء في حديث ضعيف الترغيب في قولهما معا مائة مرة في الصباح، وهذا الحديث  قد ذكره الشيخ أبو حامد- رحمه الله- في الإحياء فقال: وروي أن رجلا جاء إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: تولت عني الدنيا، وقلت ذات يدي. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أنت من صلاة الملائكة وتسبيح الخلائق وبها يرزقون؟ قال: فقلت: وماذا يا رسول الله؟ قال: قل سبحان الله وبحمده سبحان الله العظيم، أستغفر الله مائة مرة ما بين طلوع الفجر إلى أن تصلي الصبح تأتيك الدنيا راغمة صاغرة، ويخلق الله عز وجل من كل كلمة ملكا يسبح الله تعالى إلى يوم القيامة لك ثوابه. انتهى.

 قال العراقي- رحمه الله- في تخريج الإحياء: حديث أن رجلا جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: تولت عني الدنيا، وقلت ذات يدي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أنت عن صلاة الملائكة، وتسبيح الخلائق وبها يرزقون. الحديث أخرجه المستغفري في الدعوات من حديث ابن عمر، وقال غريب من حديث مالك، ولا أعرف له أصلا في حديث مالك، ولأحمد من حديث عبد الله بن عمرو أن نوحا قال لابنه آمرك بلا إله إلا الله الحديث { ثم قال } وسبحان الله وبحمده فإنها صلاة كل شيء، وبها يرزق الخلق وإسناده صحيح. انتهى.

 واذا لم يثبت الحديث في قولهما معا مائة مرة، فإن الإكثار منهما من غير حد أمر مشروع ومستحب في جميع الأوقات لقوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا اذكروا الله ذكرا كثيرا* وسبحوه بكرة وأصيلا {الأحزاب:41ـ42}. وقال تعالى: والذاكرين الله كثيرا والذاكرات {الأحزاب: 35}. وقال صلى الله عليه وسلم: لايزال لسانك رطبا بذكر الله . رواه أحمد وصححه الأرناؤوط. وراجع في فضل الذكر الفتاوى ذوات الأرقام الآتية: 32076، 18384.

ولا بأس أن يلزم المرء نفسه بأوراد من أذكار بأعداد معينة تحصيلا للأجر العظيم، وتزكية للنفس، شريطة أن لا يعتقد  فضيلة خاصة لهذه الأعداد التي لم ترد في السنة، وإنما يفعل ذلك من باب ضبط الوقت ونحو ذلك.

قال شيخ الإسلام ابن تيمية: وأما محافظة الإنسان على أوراد له من الصلاة، أو القراءة، أو الذكر، أو الدعاء طرفي النهار وزلفا من الليل وغير ذلك: فهذا سنة رسول الله صلى الله عليه وسلم والصالحين من عباد الله قديما وحديثا، فما سن عمله على وجه الاجتماع كالمكتوبات، فعل كذلك، وما سن المداومة عليه على وجه الانفراد من الأوراد، عمل كذلك، كما كان الصحابة ـ رضي الله عنهم. يجتمعون أحيانا: يأمرون أحدهم يقرأ والباقون يستمعون. وكان عمر بن الخطاب يقول: يا أبا موسى ذكرنا ربنا، فيقرأ وهم يستمعون. وكان من الصحابة من يقول: اجلسوا بنا نؤمن ساعة. اهـ.

 والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة