السؤال
هل ما ورد في الحديث هو أن محمدا - رسول الله - اتفق مع رأي الحبر أم العكس؟ وهل هذه الزيادة: (تصديقا له) صحيحة؟
هل ما ورد في الحديث هو أن محمدا - رسول الله - اتفق مع رأي الحبر أم العكس؟ وهل هذه الزيادة: (تصديقا له) صحيحة؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن كنت تسأل عما أخرج الشيخان في صحيحيهما وغيرهما من حديث حبر اليهود في وصف القيامة والجنة والنار الذي رواه ابن مسعود فإن هذه الزيادة المذكورة (تصديقا له) ثابتة فيه في رواية الشيخين معا, ولفظ مسلم: قال حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس، حدثنا فضيل يعني ابن عياض، عن منصور، عن إبراهيم، عن عبيدة السلماني، عن عبد الله بن مسعود، قال: جاء حبر إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: يا محمد أو يا أبا القاسم إن الله تعالى يمسك السماوات يوم القيامة على إصبع، والأرضين على إصبع، والجبال والشجر على إصبع، والماء والثرى على إصبع، وسائر الخلق على إصبع، ثم يهزهن، فيقول: أنا الملك، أنا الملك، فضحك رسول الله صلى الله عليه وسلم تعجبا مما قال الحبر، تصديقا له، ثم قرأ: {وما قدروا الله حق قدره والأرض جميعا قبضته يوم القيامة والسموات مطويات بيمينه سبحانه وتعالى عما يشركون}.
أما ما سألت عنه من أمر الموافقة: فمعنى الحديث أن النبي صلى الله عليه وسلم أقر هذا الحبر على ما وصف من أمر القيامة, وصدقه فيما قال، وليس معنى الحديث أنه صلى الله عليه وسلم استمد من الحبر علما ولا فهما، وهذا المعنى هو الذي استظهر الإمام النووي حيث يقول: ظاهر هذا الحديث أنه صلى الله عليه وسلم صدق الحبر في قوله: إن الله يقبض السماوات والأرض والمخلوقات بالأصابع, ثم قرأ الآية التي فيها الإشارة إلى نحو ما يقول, وقال بعض المتكلمين: ليس ضحكه وتعجبه وتلاوته الآية تصديقا للحبر, بل هو رد لقوله, وإنكار وتعجب من سوء اعتقاده, فإن مذهب اليهود التجسيم, ففهم منه ذلك, وقوله: تصديقا له, إنما هو من كلام الراوي على ما فهم, والأول أظهر.
وقال في الفتح: قال ابن بطال: وحاصل الخبر أنه ذكر المخلوقات, وأخبر عن قدرة الله على جميعها, فضحك النبي صلى الله عليه وسلم تصديقا له, وتعجبا من كونه يستعظم ذلك في قدرة الله تعالى, وأن ذلك ليس في جنب ما يقدر عليه بعظيم.
وللمزيد في معنى الحديث ورد بعض الشبه الواردة عليه راجع الفتوى رقم: 122213.
والله أعلم.