السؤال
عندما زرت تركيا، ودخلت أحد مساجدها للصلاة، تفاجأت بعدة ممارسات، أود السؤال عن صحتها ومنها: الصلاة بعد الأذان مباشرة، واتباع الإمام في السلام، وأقصد بالحركة والصوت في سلامه على اليمين، وفي سلامه على اليسار، وكذلك التسبيح الجماعي بعد الفراغ من الصلاة كأن يمسك أحدهم المايك ويقول: سبحان الله. فيقول المصلون: سبحان الله 33 مرة، كل في سره، وكذلك بالنسبة للحمد لله، والله أكبر، وبعد ذلك يقرأ الإمام بعض الآيات من القرآن، والأعجب من ذلك من فاتته الجماعة في صلاة المغرب أو العشاء فيصليها سرا.
فما حكم الشرع في كل ذلك؟
وجزاكم الله خير الجزاء.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:
فأما الصلاة بعد الأذان مباشرة، فإن كنت تعني أنهم يقيمون صلاة الجماعة بعد الأذان مباشرة، فهذا لا ينبغي، إذ يستحب الانتظار قليلا حتى يتهيأ الناس للصلاة، وقد ذكر الفقهاء أنه يستحب ذلك.
قال ابن قدامة في المغني: ويستحب أن يفصل بين الأذان والإقامة، بقدر الوضوء وصلاة ركعتين، يتهيئون فيها، وفي المغرب يفصل بجلسة خفيفة. وحكي عن أبي حنيفة، والشافعي، أنه لا يسن في المغرب. ولنا، ما روى الإمام أحمد، في " مسنده " بإسناده، عن أبي بن كعب، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: {يا بلال، اجعل بين أذانك وإقامتك نفسا، يفرغ الآكل من طعامه في مهل، ويقضي حاجته في مهل}. وعن جابر بن عبد الله، {أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لبلال: اجعل بين أذانك وإقامتك قدر ما يفرغ الآكل من أكله، والشارب من شربه، والمعتصر إذا دخل لقضاء حاجته} رواه أبو داود والترمذي. وروى تمام في " فوائده "، بإسناده عن أبي هريرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: {جلوس المؤذن بين الأذان والإقامة في المغرب سنة}. قال إسحاق بن منصور: رأيت أحمد خرج عند المغرب، فحين انتهى إلى موضع الصف أخذ المؤذن في الإقامة، فجلس. وروى الخلال، بإسناده عن عبد الرحمن بن أبي ليلى {أن النبي صلى الله عليه وسلم جاء وبلال في الإقامة، فقعد} وقال أحمد: يقعد الرجل مقدار ركعتين إذا أذن المغرب, قيل من أين ؟ قال: من حديث أنس وغيره: كان أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أذن المؤذن ابتدروا السواري وصلوا ركعتين؛ ولأن الأذان مشرع للإعلام، فيسن الانتظار ليدرك الناس الصلاة ويتهيئوا لها، دليله سائر الصلوات. اهــ .
وأما متابعة الإمام في صوته، وحركته بالسلام. فلم يتضح لنا المقصود تماما. وإن كنت تعني أنهم يقلدون صوته، فإن التعبد بتقليد صوت الإمام غير مشروع، والمشروع أن يسلم المصلي بصوته المعتاد من غير تكلف، وأما اتباع الإمام في الحركات، فإنه كما يشرع للإمام التسليم على اليمين والشمال، يشرع للمأموم أيضا ذلك.
والتسبيح بالطريقة التي ذكرت أنهم يفعلونها، لم يأت بها الشرع، ولم يرد أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفعلها مع أصحابه عقب الصلوات، بل ورد أن ابن مسعود رضي الله عنه أنكر على من كان في حلقة ويقول لأصحابه " سبحوا مائة " فيسبحون " كبروا مائة " فيكبرون. وانظر الفتوى رقم: 173453.
وفي خصوص قراءة القرآن بعد الصلاة. فقد جاءت السنة بقراءة آية الكرسي، والمعوذتين، والإخلاص. فإن كان الإمام يقرأ هذا فهو مشروع، ولكن لا تكون بصوت جماعي؛ وأما الجهر بذلك فهذا مختلف فيه؛ وانظر الفتوى رقم: 110037 عن حكم جهر الإمام والمأمومين بالأذكار بعد الصلاة، وإن كان الإمام يقرأ غير تلك الآيات، فالمداومة على ذلك غير مشروعة.
وأما الإسرار في صلاة المغرب والعشاء لمن فاتته الجماعة، فإن السنة في الركعتين الأوليين في المغرب والعشاء هي الجهر، وليس الجهر مختصا بصلاة الجماعة، بل من صلى وحده فإنه يسن له الجهر فيهما، فإن أسر بالقراءة فصلاته صحيحة؛ لأن الإسرار والجهر بالقراءة في الصلاة سنة مستحبة؛ وانظر الفتوى رقم: 121024.
والله تعالى أعلم.