السؤال
تأتيني بعض الأحيان أفكار حول مواقف كفرية تصدر من غيري, فأتخيل أني أرد عليها, ثم بعد مدة معينة أفكر قليلا, وأقول في نفسي: "كيف أسترسل مع تلك الأفكار, كان يجب علي أن لا أشغل بالي بهذه الأشياء" فهل تخيل نفسي وأنا أرد على تلك المواقف الكفرية يعتبر رضا بها وتمن لحدوثها فعلا؟ فبعض الأحيان أنسى ذلك, وأسترسل, وأحاول رد تلك الأشياء, ثم بعد مدة أتذكر أن ذلك لا يجوز.
جزاكم الله خيرا, وشرح لكم صدوركم, ويسر لكم أموركم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فبداية: نقرر أن الأفكار والخواطر التي تهجم على قلب الإنسان دون اختيار منه، لا يؤاخذ عليها، ثم إن كرهه لها واعتقاده بطلانها يدل على إيمانه، فقد جاء ناس من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم فسألوه: إنا نجد في أنفسنا ما يتعاظم أحدنا أن يتكلم به؟ قال: وقد وجدتموه؟ قالوا: نعم، قال: ذاك صريح الإيمان. رواه مسلم. قال النووي: معناه: استعظامكم الكلام به هو صريح الإيمان، فإن استعظام هذا وشدة الخوف منه، ومن النطق به، فضلا عن اعتقاده، إنما يكون لمن استكمل الإيمان استكمالا محققا, وانتفت عنه الريبة والشكوك. اهـ.
وقال في كتاب الأذكار: الخواطر وحديث النفس إذا لم يستقر ويستمر عليه صاحبه فمعفو عنه باتفاق العلماء؛ لأنه لا اختيار له في وقوعه, ولا طريق له إلى الانفكاك عنه، وهذا هو المراد بما ثبت في الصحيح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم تتكلم به أو تعمل. اهـ.
أما بالنسبة لهذا السؤال، فإن السائل إنما يتخيل صدور هذه الأفكار أو المواقف الكفرية عن غيره، وأما هو فإنه يقوم بالرد عليها، ومن ثم فلا يصح أن يظن السائل بنفسه أنه راض بها متمن لحدوثها!! وإنما ذلك الظن من الوسوسة.
وعلى أية حال، فما دام السائل يقع بسبب هذه الخواطر والأفكار في حرج وضيق، فإن عليه أن يدفعها من البداية, ولا يسترسل معها، ويشغل نفسه بما ينفعها من تدبر آيات الله, وطلب العلم النافع, والاجتهاد في الأعمال الصالحة التي ينفع بها نفسه وغيره, وراجع للفائدة الفتوى رقم: 135798.
والله أعلم.