السؤال
فتاة كانت على علاقه برجل، وتحبه ويحبها، وكانوا يتبادلون صورهم عبر الوسائط، وبعد فترة من الزمن تقدم إليها عريس آخر. وقبل الزواج صارحته ببعض ما كان منها، فقال لها: لا يهمني ماضيك. فأكملوا الزواج، وتابت الفتاة، وقطعت علاقتها بصاحبها الأول، وكرست جهدها لزوجها، وتابت، إلا أن الزوج بعد فترة من الزواج بدأ يتغير عليها، ويذكرها بماضيها، ويبتزها، وأخذ منها فلوسها تحت التهديد بأنه سيفضحها عند أهلها إذا لم تعطه فلوسا، فأعطته كل مالها لإرضائه، ولكنه تعالى عليها حتى إنه كان يضربها وهي لا تحرك ساكنا خوفا. فوصل الأمر إلى أن الفتاة ذهبت إلى أهلها، وطلبت منه أن يطلقها، وللعلم فإنهم قد رزقوا بولد، فرفض أن يطلقها، واتهمها أنها عند زواجهما كانت فاقدة عذريتها، وأنه سترها، والحقيقة غير ذلك، وقد وصل الأمر إلى المحكمة، إلا أن الفتاه كانت قد أنكرت حفاظا على شرف أهلها كل علاقتها بالشاب الأول عند أهلها، وطلبوا منها اليمين؛ لأن زوجها بلغ أهلها بعلاقتها السابقة، والفتاه أنكرت كل صلتها بالشاب السابق.
فهل تحلف اليمين حفاظا على شرفها وتتوب إلى الله؟
أفيدونا برأيكم؛ لأن البنت منهارة لا تريد الرجوع إليه وماذا تفعل؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فقد أخطأت هذه المرأة حين أخبرت خطيبها بما وقعت فيه من المعصية، فهذا سلوك مخالف للشرع؛ لما فيه من هتك الستر، وقد أمر الشرع من اقترف ذنبا أن يستر على نفسه ولا يفضحها، ولما يترتب عليه من فتح باب الوساوس، وإساءة الظن كما حصل من زوج تلك المرأة بشؤم مخالفتها للشرع.
وإذا كانت الأمور قد وصلت إلى الحد المذكور، بحيث أصبحت المرأة معرضة للضرر إذا أخبرت بما وقعت فيه من المعصية، فلا حرج عليها أن تنكر الوقوع في هذه المعصية، وأن تحلف على ذلك إذا استدعى الأمر الحلف.
جاء في غذاء الألباب في شرح منظومة الآداب عند ذكر الأمور التي رخص في الكذب فيها: فهذا ما ورد فيه النص، ويقاس عليه ما في معناه ككذبه لستر مال غيره عن ظالم، وإنكاره المعصية للستر عليه أو على غيره ما لم يجاهر الغير بها.
وانظر الفتويين: 34426، 43279
لكن ينبغي عليها أن تستعمل التعريض والتورية بدل الكذب الصريح، بأن تقول كلاما يحتمل أكثر من معنى تقصد به شيئا واقعا ويفهم منه معنى آخر؛ وانظر في بيان ذلك الفتوى رقم:68919
ولا ريب في أن ما قام به الزوج من أخذ مال الزوجة عن طريق تهديدها بفضحها ظلم ظاهر، وأكل للمال بالباطل، وإذا اضطرها للخلع لتفتدي منه وتسقط له بعض حقوقها، فالخلع باطل ولها حقوقها.
قال ابن قدامة (رحمه الله): فأما إن عضل زوجته، وضارها بالضرب والتضييق عليها، أو منعها حقوقها؛ من النفقة، والقسم ونحو ذلك، لتفتدي نفسها منه، ففعلت، فالخلع باطل، والعوض مردود. المغني لابن قدامة.
والله أعلم.