السؤال
لدي أسئلة حول هذه الأحاديث:
1- قال سليمان بن داود عليهما السلام: لأطوفن الليلة على مائة امرأة، أو تسع وتسعين، كلهن يأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: قل إن شاء الله، فلم يقل: إن شاء الله، فلم يحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، والذي نفس محمد بيده، لو قال:إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون.
الراوي: أبو هريرة المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 2819
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
2 - قال سليمان: لأطوفن الليلة على تسعين امرأة، كلهن تأتي بفارس يجاهد في سبيل الله، فقال له صاحبه: إن شاء الله، فلم يقل إن شاء الله، فطاف عليهن جميعا، فلم تحمل منهن إلا امرأة واحدة، جاءت بشق رجل، وأيم الذي نفس محمد بيده، لو قال: إن شاء الله، لجاهدوا في سبيل الله فرسانا أجمعون.
الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 6639
خلاصة حكم المحدث: [صحيح]
3 - أن نبي الله سليمان عليه السلام كان له ستون امرأة، فقال: لأطوفن الليلة على نسائي فلتحملن كل امرأة، ولتلدن فارسا يقاتل في سبيل الله، فطاف على نسائه، فما ولدت منهن إلا امرأة، ولدت شق غلام. قال نبي الله صلى الله عليه وسلم: لو كان سليمان استثنى لحملت كل امرأة منهن، فولدت فارسا يقاتل في سبيل الله.
الراوي: أبو هريرة، المحدث: البخاري - المصدر: صحيح البخاري - الصفحة أو الرقم: 7469
خلاصة حكم المحدث: [صحيح].
4 - قال سليمان بن داود نبي الله: لأطوفن الليلة على سبعين امرأة. كلهن تأتي بغلام يقاتل في سبيل الله. فقال له صاحبه، أو الملك: قل إن شاء الله. فلم يقل، ونسي. فلم تأت واحدة من نسائه. إلا واحدة جاءت بشق غلام. فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ولو قال: إن شاء الله، لم يحنث، وكان دركا له في حاجته.
الراوي: أبو هريرة، المحدث: مسلم - المصدر: صحيح مسلم - الصفحة أو الرقم: 1654
خلاصة حكم المحدث: صحيح.
لدي أربعة أسئلة:
السؤال الأول هو: هل النبي سليمان جامع مئة أم تسعين أم ستين أم سبعين؟
السؤال الثاني هو: كيف يمكن أن يجامع رجل ستين، أو مئة امرأة في ليلة واحدة، فذلك مستحيل من الناحية الزمانية، ومن الناحية الصحية أو الطبية؟
السؤال الثالث: لماذا لم يقل نبي الله إن شاء الله أليست هذه إساءة لنبي الله؛ لأن أي واحد اليوم ولو كان ضعيف الإيمان يقول إن شاء الله. فما بالك بنبي الله المختار؟
السؤال الرابع: ما معنى كلمة: شق رجل؟
وشكرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فعن سؤالك الأول: فإن نبي الله سليمان -عليه السلام- جامع في تلك الليلة فوق تسعين ودون مائة امرأة؛ فستون منهن كن من الحرائر وأكملهن بالسراري؛ فقد جمع الحافظ بين الروايات المذكورة في الحديث فقال في الفتح: فمحصل الروايات: ستون، وسبعون، وتسعون، وتسع وتسعون، ومائة. والجمع بينها أن الستين كن حرائر، وما زاد عليهن كن سراري أو بالعكس، وأما السبعون فللمبالغة، وأما التسعون والمائة فكن دون المائة وفوق التسعين، فمن قال تسعون ألغى الكسر، ومن قال مائة جبره- أي أكمل الكسر- .. وقد حكى وهب بن منبه في المبتدأ أنه كان لسليمان ألف امرأة ثلاثمائة مهيرة، وسبعمائة سرية".
وأما سؤالك الثاني: كيف يمكن أن يجامع رجل ستين امرأة؟ فجوابه أن هذا ليس من المستحيل عقلا؛ لأن الذي أعطى القوة على الجماع مرة ومرتين في ليلة، قادر على أن يعطي أكثر من ذلك.
ثم إذا كان هذا ليس معتادا عند سائر الناس فإنه ليس مستبعدا على الأنبياء الذين أعطاهم الله من القوة ما لم يعط غيرهم. فقد ثبت في الصحيحين وغيرهما عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يطوف على نسائه في ساعة من ليل أو نهار بغسل واحد، وكن يومئذ إحدى عشرة.
قال -الرواي عن أنس- قلت لأنس: أو كان يطيقه؟ قال: كنا نتحدث أنه أعطي قوة ثلاثين. وفي رواية الإسماعيلي: قوة أربعين. وجاء في جامع الأصول: فإن الأنبياء عليهم السلام زيدوا في النكاح بسبب نبوتهم، فإنه إذا امتلأ الصدر بالنور، وفاض في العروق، التذت النفس والعروق، فأثارت الشهوة وقواها، وريح الشهوة إذا قويت، فإنما تقوى من القلب والنفس، فعندها القوة.
وقال الحافظ في الفتح: وفي الحديث ما خص به الأنبياء من القوة على الجماع الدال ذلك على صحة البنية، وقوة الفحولية، وكمال الرجولية مع ما هم فيه من الاشتغال بالعبادة والعلوم، وقد وقع للنبي صلى الله عليه وسلم من ذلك أبلغ المعجزة؛ لأنه مع اشتغاله بعبادة ربه وعلومه، ومعالجة الخلق كان متقللا من المآكل والمشارب المقتضية لضعف البدن على كثرة الجماع، ومع ذلك فكان يطوف على نسائه في ليلة بغسل واحد وهن إحدى عشرة امرأة. ويقال إن كل من كان أتقى لله فشهوته أشد؛ لأن الذي لا يتقي يتفرج بالنظر ونحوه. اهـ
وأما السؤال الثالث لماذا لم يقل سليمان: إن شاء الله؟ فلأنها مستقرة في قلبه، وقول صاحبه له: قل إن شاء، كان ذلك في أثناء كلامه، وبعد فراغه من كلامه نسيها كما جاء في بعض روايات الحديث في الصحيحين: فلم يقل ونسي.
قال ابن الجوزي في كشف المشكل من حديث الصحيحين: وإنما ترك سليمان الاستثناء نسيانا، فلم يسامح بتركه وهو نبي كريم، يقتدى به.
وقال الحافظ في الفتح: قال بعض السلف: نبه صلى الله عليه وسلم في هذا الحديث على آفة التمني والإعراض عن التفويض. قال: ولذلك نسي الاستثناء ليمضي فيه القدر... ومعنى قوله: فلم يقل أي بلسانه، لا أنه أبى أن يفوض إلى الله، بل كان ذلك ثابتا في قلبه، لكنه اكتفى بذلك أولا، ونسي أن يجريه على لسانه لما قيل له لشيء عرض له.
وقال ابن حزم في الملل والنحل: ولا يجوز أن يظن به أنه يجهل أن ذلك لا يكون إلا أن يشاء الله -عز وجل- وقد جاء في نص الحديث المذكور أنه إنما ترك إن شاء الله نسيانا، فأخذ بالنسيان في ذلك، وقد قصد الخير.
وقال الحافظ في الفتح: وفيه جواز السهو على الأنبياء وأن ذلك لا يقدح في علو منصبهم، وفيه جواز الإخبار عن الشيء أنه سيقع ومستند المخبر الظن مع وجود القرينة القوية لذلك.
وأما السؤال الرابع عن معنى شق رجل: فهو نصفه كما جاء في بعض روايات الحديث: ولدت شق غلام. وفي رواية: نصف إنسان.
والله أعلم.