السؤال
وصلني سؤال من إحدى الأخوات تقول فيه: توفي أحد أقربائي، وكان به مرض معد، وغسل، وكفن، وصلي عليه، ولم يدفن، بل وضع في غرفة، وكشفوا عن وجهه مع بعض الموتى المصابين بالأمراض المعدية ! بحجة أنهم مصابون بأمراض معدية، ويسمونها السقيفة.
وأحسن الله إليكم.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأصل أن مجرد وضع الميت في غرفة غير مجزئ، وأن الواجب هو دفن الميت في باطن الأرض، وقد نص الفقهاء على ضرورة الحفر، وعدم كفاية وضع الميت بوجه الأرض.
فقد جاء في منهاج الطالبين للنووي مع شرحه للجلال المحلي: (أقل القبر حفرة تمنع ) إذا ردمت ( الرائحة ) أن تظهر منه فتؤذي الحي ( والسبع ) أن ينبش ليأكل الميت، فتنتهك حرمته, وفي ذكر الرائحة والسبع وإن لزم من منع أحدهما منع الآخر بيان فائدة الدفن . ( ويندب أن يوسع، ويعمق قامة، وبسطة ) بأن يقوم رجل معتدل ويبسط يديه مرفوعة؛ قال صلى الله عليه وسلم في قتلى أحد: احفروا، وأوسعوا، وأعمقوا. رواه الترمذي وغيره, وقال: حسن صحيح. وأوصى عمر- رضي الله عنه- أن يعمق قبره قامة، وبسطة. انتهى.
وقال ابن مفلح في الفروع: ويستحب تعميق القبر وتوسيعه بلا حد, نص عليه .... قال ابن عقيل: ولا يجوز بدل القبر وضعه بالأرض ويضع أجبالا من تراب؛ لأنه ليس بسنة, كما لا يجوز ستره إلا بالثياب. ...اهـ.
وقال ابن حجر الهيتمي في تحفة المحتاج: (أقل القبر) المحصل للواجب (حفرة تمنع) بعد طمها (الرائحة) أن تظهر فتؤذي (والسبع) أن ينبشه، وخرج بحفرة، وضعه بوجه الأرض، وستره بكثير نحو تراب أو حجارة؛ فإنه لا يجزئ عند إمكان الحفر، وإن منع الريح والسبع؛ لأنه ليس بدفن... اهـ.
وقال الشيخ زكريا الأنصاري: الفساقي التي لا تكتم الرائحة مع منعها الوحش، لا يكفي الدفن فيها. وقد قال السبكي في الاكتفاء بالفساقي نظر; لأنها ليست معدة لكتم الرائحة; ولأنها ليست على هيئة الدفن المعهود شرعا. اهـ.
واذا كان الحفر للميت ودفنه واجبا عند إمكان الحفر، فإنه يجب البدار بالسعي في دفن الميت، ويعتبر ذلك من مؤنة تجهيز الجنازة التي تخرج من مال الميت، وإذا لم يكن للمتوفى مال، فعلى من تجب عليه نفقته في حياته، وإذا لم يوجد ففي بيت المال؛ لأنه أعد لحوائج المسلمين، وإن لم يكن بيت المال قائما، أو ليس فيه شيء، فعلى من علم وقدر من المسلمين، أن يقوموا بالدفن بأنفسهم .
والله أعلم.