السؤال
للرجل الحور العين في الجنة, لكن ماذا للمرأة التي عبدت الله, وتحملت نكد زوجها, وتحجبت إرضاء لربها؟ فأنا مؤمنة بالقرآن والسنة, ولا أقول: إن الله ظالم لأحد, ولكن لماذا لا يوجد حور عين للنساء؟ ستقولون: لأن الله سينزع من قلبها الغيرة, وسيقر عينها بزوجها, ولكن الله قادر أن يجعل للمرأة حورا عينا, أو أن يجعل للرجل امرأة واحدة, أو ستقولون: إن المرأة تهتم بالحلي والزينة أكثر من اهتمامها بالرجل, لكن هذا ليس ضروريا, فالحلي لا تثير اهتمامي أبدا, وأعتقد أن اهتمام المرأة بالرجل كاهتمام الرجل بالمرأة, ألا أحصل على كل ما أريد في الجنة؟ أليس لي الحق أن أختار؟ أم أن هناك نعيما آخر للنساء لم يذكر في القرآن؟ وهل نحصل في الجنة على ما نشتهي أو على ما وعدنا به؟ أعلم أن هناك أمورا أهم, وأنني ينبغي أن أنشغل بالطاعات؛ لأنال الجنة أولا, لكن الموضوع يكاد يصيبني بالجنون.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنشكر السائلة ما ذكرت من كونها تؤمن بالقرآن والسنة, فهذا أمر جيد، وهو يقتضي التسليم لما جاءت به النصوص، خاصة في هذا الموضوع الذي طرحته؛ لأنه متعلق بالجنة, وهي من الأمور الغيبية التي يجب فيها الوقوف عند النصوص الشرعية.
واعتقاد عدل الله تعالى, وأنه لا يظلم أحدا أمر حسن, وهو واجب على المسلم, ومن مقتضى الإيمان بالله تعالى, وأنه الحكم العدل العليم الحكيم الذي له العدل التام والحكمة البالغة في أقواله وأفعاله، قال تعالى: وتمت كلمت ربك صدقا وعدلا لا مبدل لكلماته وهو السميع العليم {الأنعام:115}، قال ابن تيمية: صدقا في الأخبار, وعدلا في الأحكام.
وقولك: لماذا لا يوجد حور عين للنساء في الجنة؟ جوابه هو: أن الله تعالى لم يخبرنا بأن لهن ذلك، ولو أخبرنا لآمنا به، وأقررناه, ولا شك في أن الله على كل شيء قدير، ولكن لا يجوز لنا أن نقول: إنه سيفعل كذا في الجنة من غير دليل.
ولا شك في أن للمرء في الجنة ما يشتهي، ولكنه لن يشتهي شيئا لم يجعله الله له في الجنة، وهو مع ذلك في نعيم تام، قانع بما هو فيه, لا يتطلع إلى غيره, مع تفاوت أهل الجنة في النعيم؛ حتى لا يكون شيء ينغص هذا النعيم.
وما ذكرت في نهاية سؤالك هو عين الحكمة والعقل, وهو أنه ينبغي أن تكون همة المسلم أن يزحزح عن النار ويدخل الجنة؛ ليكون من الفائزين، قال تعالى: كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور {آل عمران:185}.
ولمزيد من التفصيل حول ما أجملنا بجوابنا هنا, راجعي للأهمية الفتويين: 199939 - 166909.
والله أعلم.