السؤال
هل يوجد نص صحيح يحدد الفترة الزمنية بين آدم، ومحمد عليهما السلام؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنه لم يرد تحديد للمدة الزمنية بين نبي الله آدم -عليه الصلاة والسلام-، ونبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-، ولا يمكن تحديد ذلك لوجود بعض الأزمان التي لا يعرف مقدارها، كمقدار ما عاش آدم ونوح وغيرهما من السنين، وكذلك بعض ما جاء من آثار لا يجزم بصحتها.
وإن مما يجزم بصحته مدة لبث نوح -عليه السلام- في دعوة قومه؛ لقول الله تعالى: ولقد أرسلنا نوحا إلى قومه فلبث فيهم ألف سنة إلا خمسين عاما {العنكبوت:14}. وصح الحديث في المدة التي بين آدم، ونوح، وبين نوح، وإبراهيم عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والتسليم، فقد روى الحاكم والطبراني عن أبي أمامة -رضي الله عنه-: أن رجلا قال: يا رسول الله! أنبي كان آدم؟ قال: "نعم، معلم مكلم ". قال: كم بينه وبين نوح؟ قال: " عشرة قرون ". قال: كم كان بين نوح وإبراهيم؟ قال: " عشرة قرون ". قالوا: يا رسول الله! كم كانت الرسل؟ قال: "ثلاث مئة وخمسة عشر، جما غفيرا". صححه الألباني.
وروى ابن حبان في صحيحه عن أبي أمامة: أن رجلا قال: يا رسول الله أنبي كان آدم؟ قال: (نعم، مكلم) قال: فكم كان بينه وبين نوح؟ قال: (عشرة قرون). صححه الألباني.
وكذلك صح الحديث في المدة التي بين عيسى ونبينا عليهما الصلاة والسلام، فقد روى البخاري عن سلمان الفارسي قال: فترة بين عيسى ومحمد عليهما الصلاة والسلام ستمائة سنة.
ويمكن تقدير ما بين آدم ومحمد عليهما الصلاة والسلام من السنين لا على وجه التدقيق والجزم، وإنما على وجه التقريب والظن، وذلك بما سبق، وبما جاء في تفسير القرطبي حيث قال -رحمه الله-: فذكر محمد بن سعد في كتاب "الطبقات" عن ابن عباس قال: كان بين موسى بن عمران وعيسى بن مريم عليهما السلام ألف سنة وسبعمائة سنة، ولم يكن بينهما فترة، وأنه أرسل بينهما ألف نبي من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم. وكان بين ميلاد عيسى والنبي صلى الله عليه وسلم خمسمائة سنة وتسع وستون سنة، بعث في أولها ثلاثة أنبياء، وهو قوله تعالى:" إذ أرسلنا إليهم اثنين فكذبوهما فعززنا بثالث" [يس: 14] والذي عزز به" شمعون" وكان من الحواريين. وكانت الفترة التي لم يبعث الله فيها رسولا أربعمائة سنة وأربعا وثلاثين سنة. وذكر الكلبي أن بين عيسى ومحمد عليهما السلام خمسمائة سنة وتسعا وستين، وبينهما أربعة أنبياء، واحد من العرب من بني عبس وهو خالد بن سنان. قال القشيري: ومثل هذا مما لم لا يعلم إلا بخبر صدق. وقال قتادة: كان بين عيسى ومحمد عليهما السلام ستمائة سنة، وقاله مقاتل، والضحاك، ووهب بن منبه، إلا أن وهبا زاد عشرين سنة. وعن الضحاك أيضا أربعمائة وبضع وثلاثون سنة. وذكر ابن سعد عن عكرمة قال: بين آدم ونوح عشرة قرون، كلهم على الإسلام. قال ابن سعد: أخبرنا محمد بن عمرو بن واقد الأسلمي عن غير واحد قالوا: كان بين آدم ونوح عشرة قرون، والقرن مائة سنة، وبين نوح وإبراهيم عشرة قرون، والقرن مائة سنة، وبين إبراهيم وموسى بن عمران عشرة قرون، والقرن مائة سنة، فهذا ما بين آدم ومحمد عليهما السلام من القرون والسنين. والله أعلم. انتهى.
وللفائدة يرجى مراجعة هذه الفتوى:76216.
والله أعلم.