السؤال
عن أنس قال: مر غلام للمغيرة بن شعبة ـ وكان من أقراني ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن يؤخر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة، فكيف نرد على الذين يقولون إن محمدا صلى الله عليه وسلم كذب بخصوص الساعة؟!.
عن أنس قال: مر غلام للمغيرة بن شعبة ـ وكان من أقراني ـ فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن يؤخر هذا لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة، فكيف نرد على الذين يقولون إن محمدا صلى الله عليه وسلم كذب بخصوص الساعة؟!.
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإن الرسول صلى الله عليه وسلم لم يرد في قوله هذا قيام الساعة الكبرى، وإنما أراد ساعة المخاطبين، كما فسر ذلك هشام بن عروة: يعني بذلك موتهم الذي يفضي بهم إلى الحصول في برزخ الدار الآخرة ـ كذا قال ابن كثير في التفسير.
وقال أيضا في النهاية: وهذه الروايات تدل على تعداد هذا السؤال والجواب، وليس المراد تحديد وقت الساعة العظمى، إلى وقت هرم ذاك المشار إليه، وإنما المراد أن ساعتهم، وهو انقراض قرنهم وعصرهم قصاراه أنه إلى مدة عمر ذلك الغلام... وفي الحديث: تسألوني عن الساعة، فإنما علمها عند الله، وأقسم بالله ما على الأرض نفس منفوسة اليوم يأتي عليها مائة سنة ـ ويؤيد ذلك رواية عائشة: قامت عليكم ساعتكم ـ وذلك أن من مات فقد دخل في حكم القيامة، فعالم البرزخ قريب من عالم يوم القيامة، وفيه من الدنيا أيضا، ولكن هو أشبه بالآخرة، ثم إذا تناهت المدة المضروبة للدنيا، أمر الله بقيام الساعة فيجمع الأولون والآخرون لميقات يوم معلوم، كما سيأتي بيان ذلك من الكتاب والسنة، وبالله المستعان. اهـ
وقال شيخ الإسلام في الاستقامة: قد ثبت في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قد يريد بالساعة انخرام القرن ووقوع شرور وبلاء يعذب به الناس، وإن كانت الساعة العامة هي قيام الناس من قبورهم، لكن الأول جاء في مثل قوله: إن يستنفد هذا الغلام عمره لم يدركه الهرم حتى تقوم الساعة ـ يريد به انخرام ذلك القرن، كما إنه قد أراد بلفظ القيامة موت الإنسان، كما في قول المغيرة بن شعبة: أيها الناس إنكم تقولون القيامة القيامة، وإنه من مات فقد قامت قيامته. اهـ.
وقال النووي في شرح مسلم: قال القاضي: هذه الروايات كلها محمولة على معنى الأول، والمراد بساعتكم موتهم ومعناه يموت ذلك القرن أو أولئك المخاطبون، قلت ويحتمل أنه علم أن ذلك الغلام لا يبلغ الهرم ولا يعمر. اهـ.
والله أعلم.