بطلان القول بفناء النار والمغفرة لمن مات على الكفر

0 305

السؤال

ورد لفظ الخلود كعقوبات في بعض الكبائر مثل: الانتحار, وورد الخلود في الكفر الأكبر, لكن العلماء قالوا: إن الإنسان إذا مات على الكبائر فهو تحت مشيئة الله: إن شاء عفا عنه, وإن شاء عذبه بعدله, ثم يدخله الجنة، أما الكفر الأكبر فخلود أبدي في نار جهنم، لكن يراودني هذا السؤال: هل من الممكن أن يعفو الله عن "بعض" الكفار, ويجعلهم ترابا، وإن قلنا هذا غير ممكن، فما هو السبب؟ لماذا لا يكون معنى الخلود هنا هو نفسه معنى الخلود في الكبائر غير المخرجة من الملة؟ فمثلا أخبر الله أنه لا يغفر أن يشرك به، لكن التوبة تمحو هذا الإثم، فلماذا ليس من الممكن أن يعفو عن "بعض" المشركين؟ نعم, دل حديث ذبح الموت على خلود أهل الجنة, وأن هناك من أهل النار من يخلد فيها بلا موت، لكن السؤال: هل من الممكن أن يعفو الله عن البعض؟ وهل صحيح أن القول بفناء النار قول غير مبتدع؟

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد نص الله في محكم كتابه أنه لن يعفو عن أحد مات على الكفر الأكبر المخرج من الملة, ولن يغفر له؛ قال الله تعالى: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك لمن يشاء {النساء:48}، وقال سبحانه: إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار {المائدة:72}، فبنص هاتين الآيتين وغيرهما تعلم أن الله لا يغفر للمشركين الذين ماتوا على الكفر، وأن مأواهم النار، وأن الله يغفر ما دون ذلك لأهل المعاصي والكبائر.

والعفو والمغفرة للكفار إنما تكون في الدنيا بأن يوفقهم الله للتوبة من الشرك والدخول في الإسلام.

والكفار من أهل النار لا يكونون ترابا، بل تلك أمنيتهم في الآخرة عندما يعاينون العذاب، قال الله تعالى: إنا أنذرناكم عذابا قريبا يوم ينظر المرء ما قدمت يداه ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا {النبأ:40}.

قال الطبري: وقوله:(ويقول الكافر يا ليتني كنت ترابا) يقول تعالى ذكره: ويقول الكافر يومئذ تمنيا لما يلقى من عذاب الله الذي أعده لأصحابه الكافرين به، يا ليتني كنت ترابا كالبهائم التي جعلت ترابا. انتهى.
ولو جاز لأحد مات على الكفر أن يعفو الله عنه لجاز لأبي طالب عم النبي صلى الله عليه وسلم، فقد روى البخاري ومسلم عن العباس بن عبد المطلب - رضي الله عنه - أنه قال للنبي صلى الله عليه وسلم ما أغنيت عن عمك فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال: هو في ضحضاح من نار, ولولا أنا لكان في الدرك الأسفل من النار.
وأما أن القول بفناء النار قول غير مبتدع، فغير صحيح, بل هو من أقوال أهل البدع, قال ابن حزم في كتابه الملل والنحل: اتفقت فرق الأمة كلها على أن لا فناء للجنة ولا لنعيمها، ولا للنار ولا لعذابها، إلا الجهم بن صفوان. انتهى.
وقال شيخ الإسلام في كتابه بيان تلبيس الجهمية: وقد اتفق سلف الأمة وأئمتها وسائر أهل السنة والجماعة على أن من المخلوقات ما لا يعدم ولا يفنى بالكلية، كالجنة, والنار, والعرش, وغير ذلك، ولم يقل بفناء جميع المخلوقات إلا طائفة من أهل الكلام المبتدعين، كالجهم بن صفوان, ومن وافقه من المعتزلة, ونحوهم، وهذا قول باطل يخالف كتاب الله وسنة رسوله وإجماع سلف الأمة وأئمتها. انتهى.
وراجع هذه الفتوى: 197123.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة