السؤال
أمي توفيت وتركت ست بنات شقيقات, وبنتا وابنا لأب آخر, وكانت أمي تمتلك بيتا, وأوصت به قبل وفاتها بخمسة عشر عاما - وهي بصحة وعافية - لأختنا الصغرى؛ لأنها مريضة ومحتاجة, ولكنها في ذلك الحين لم تستلمه؛ لأن عقلها ليس سليما, وفيها سفاهة, وخفنا أن تبيع البيت إذا عرفت, فهل يعتبر البيت ميراثا أو من حقها؟ لأن الوصية كانت شفهية, وكانت قبل الموت, وأمي لم تكن تتوقع الموت حينها فقد كانت بصحة وعافية, وقد أخبرت شخصا واحدا وهي إحدى بناتها.
جزيتم خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه أما بعد:
فوصية أمك لإحدى بناتها – لو ثبتت – فإنها تعتبر وصية لوارث, وقد بينا في عدة فتاوى أن الوصية للوارث ليست ملزمة شرعا, وأن نفاذها يتوقف على رضى بقية الورثة إذا كانوا راشدين بالغين, فإن رضوا أخذت أختك ما أوصت أمها به لها, وإن رفض الورثة كان البيت تركة, وقسم القسمة الشرعية كما فصلناه في الفتوى رقم: 170967, والفتوى رقم: 121878.
وكذا لو أن أمك أرادت أن تهب ذلك البيت لابنتها ولم تتسلمه البنت حتى ماتت الأم: ففي هذه الحال لم تتم الهبة, جاء في الموسوعة الفقهية: يعتبر جمهور الفقهاء من الحنفية والشافعية والحنبلية وبعض المالكية الصدقة ونحوها، كالهبة والرهن والقرض والإعارة والإيداع، من عقود التبرعات، التي لا تتم ولا تملك إلا بالقبض .. اهـ
وقال ابن قدامة في المغني: إذا مات الواهب أو الموهوب له قبل القبض بطلت الهبة... اهـ. وانظري الفتوى رقم: 138392.
ثم إننا ننبه السائلة إلى أن أمر التركات أمر خطير جدا وشائك للغاية، وبالتالي، فلا يمكن الاكتفاء فيه ولا الاعتماد على مجرد فتوى أعدها صاحبها طبقا لسؤال ورد عليه، بل لا بد من أن ترفع للمحاكم الشرعية كي تنظر فيها وتحقق، فقد يكون هناك وارث لا يطلع عليه إلا بعد البحث، وقد تكون هناك وصايا أو ديون أو حقوق أخرى لا علم للورثة بها، ومن المعروف أنها مقدمة على حق الورثة في المال، فلا ينبغي إذن قسم التركة دون مراجعة للمحاكم الشرعية إذا كانت موجودة، تحقيقا لمصالح الأحياء والأموات.
والله تعالى أعلم.