تفسير قوله تعالى: ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله... الآية

0 274

السؤال

قال تعالى: "ما اتخذ الله من ولد وما كان معه من إله إذا لذهب كل إله بما خلق ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون" أريد شرح هذه الآية شرحا مستفيضا, وعلى من تعود واو الجماعة في "يصفون".

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فهذه الآية يقول عنها شيخ المفسرين الطبري - وقوله كاف وواف -: ما اتخذ الله من ولد) يقول تعالى ذكره: ما لله من ولد، ولا كان معه في القديم، ولا حين ابتدع الأشياء من تصلح عبادته، ولو كان معه في القديم أو عند خلقه الأشياء من تصلح عبادته (من إله إذا لذهب) يقول: إذن لاعتزل كل إله منهم (بما خلق) من شيء، فانفرد به، ولتغالبوا، فلعلا بعضهم على بعض، وغلب القوي منهم الضعيف؛ لأن القوي لا يرضى أن يعلوه ضعيف، والضعيف لا يصلح أن يكون إلها، فسبحان الله ما أبلغها من حجة وأوجزها، لمن عقل وتدبر. وقوله: (إذا لذهب) جواب لمحذوف، وهو: لو كان معه إله، إذن لذهب كل إله بما خلق، اجتزئ بدلالة ما ذكر عليه عنه, وقوله: (سبحان الله عما يصفون) يقول تعالى ذكره؛ تنزيها لله عما يصفه به هؤلاء المشركون من أن له ولدا، وعما قالوه من أن له شريكا، أو أن معه في القدم إلها يعبد تبارك وتعالى.

ويقول عنها ابن كثير: ينزه الله تعالى نفسه عن أن يكون له ولد أو شريك في الملك، ولو قدر تعدد الآلهة، لانفرد كل منهم بما يخلق، فما كان ينتظم الوجود, والمشاهد أن الوجود منتظم متسق، كل من العالم العلوي والسفلي مرتبط بعضه ببعض، في غاية الكمال {ما ترى في خلق الرحمن من تفاوت} [الملك: 3] ثم لكان كل منهم يطلب قهر الآخر وخلافه، فيعلو بعضهم على بعض, والمتكلمون ذكروا هذا المعنى وعبروا عنه بدليل التمانع، وهو أنه لو فرض صانعان فصاعدا، فأراد واحد تحريك جسم وأراد الآخر سكونه، فإن لم يحصل مراد كل واحد منهما كانا عاجزين، والواجب لا يكون عاجزا، ويمتنع اجتماع مراديهما للتضاد, وما جاء هذا المحال إلا من فرض التعدد، فيكون محالا فأما إن حصل مراد أحدهما دون الآخر، كان الغالب هو الواجب، والآخر المغلوب ممكنا؛ لأنه لا يليق بصفة الواجب أن يكون مقهورا؛ ولهذا قال: {ولعلا بعضهم على بعض سبحان الله عما يصفون} أي: عما يقول الظالمون المعتدون في دعواهم الولد أو الشريك علوا كبيرا.

وواو الجماعة في قوله تعالى: يصفون {المؤمنون:91} راجع على المشركين. 

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات