0 339

السؤال

شكرا على هذا الفضاء، وجعله الله ‏في ميزان حسناتكم.
أبلغ من العمر 33 سنة، محترمة، ‏وخجولة والحمد لله، مشكلتي أنه لم ‏يتقدم لخطبتي أي شخص سوى واحد ‏فقط، وكنت أنا من تعرفت عليه، ‏ودامت الخطبة 3 سنوات، ثم فسخها ‏والدي -رحمه الله-، لأن الخاطب لم ‏يحدد تاريخ الزواج طيلة تلك ‏السنوات، ولم تقرأ الفاتحة.
‏مر على هذا 5 سنوات، استغفرت ‏ربي ولا أزال؛ لأني أعرف أني ‏وقعت في الخطأ، فمثل هذه العلاقات ‏حرام، لكن لم يأت شخص آخر بعده ‏ولا حتى قبله، أصبحت اليوم أخشى ‏العنوسة، ولست جاهلة لقضاء الله وقدره، فإن قدر لي العيش دون زواج ‏فلحكمة له لا أعرفها.‏‏ فهل يمكنكم أن تشرحوا لي حكمة ‏الله في ترك بعض عباده دون زواج، ‏فيموتون شيوخا دون زواج؟ أعجبت مؤخرا بشاب في العمل، و‏كان يبحث عن زوجة، فكن ‏صديقاتي يقلن لي: "لماذا لا تتحججين ‏بأي شيء وتكلمينه في موضوع ‏يتعلق بالعمل، حتى ينتبه لوجودك، و‏لعلك تعجبينه، ويرغب في التعرف ‏عليك ويخطبك" لكنني رفضت ذلك؛ ‏لأني أعلم أن هذا التعارف حرام. فما ‏كان لي سوى أن أدعو الله في ‏صلاتي أن يرزقني الزواج منه، و‏يجعل بيننا أمرا يقرب بيننا بطريق ‏حلال غير طريق التعارف، كأن ‏يوجد شخص مشترك بيننا نعرفه، ‏فيشير عليه بالزواج مني، ما دام باحثا عن الزواج، ‏لكني سمعت مؤخرا أنه خطب فتاة، ‏حزنت لذلك وقلت: "يا ربي رفضت ‏الحرام ودعوتك، فلم تستجب، وربما ‏تكون الفتاة التي خطبها قد تعرف ‏عليها، وخرج معها، وتكلم معها ‏ووو... "لكني سرعان ما استغفرت، ‏وأيقنت أن في ذلك خيرا لا أعرفه، ‏وأن الله سيرزقني من حيث لا ‏أحتسب، وكثيرا ما أدعو الله أن ‏يرزقني الصبر على قضائه، فلعله ‏قضى لي ألا أتزوج إطلاقا، فأنا أؤمن ‏بالقضاء خيره وشره، لكني لا أعرف ‏حكمة الله في ذلك.
‏أرجو أن تجيبوني عن حكمة الله في ‏عدم تزويج بعض عباده، وأن ‏تساعدوني ولو بكلام يثلج صدري ‏أتذكره كلما تذكرت حيرتي، فعلا أنا ‏لست قلقة؛ لأن إيماني ويقيني بربي ‏كبير، لكن أحيانا يغلبني الأمر، و‏ليس في رغبتي بالزواج أي حرج ‏أخجل منه. ‏وفقكم الله لما هو خير.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فالزواج رزق كسائر أرزاق العبد، يأتيه ما كتب له منه لا يخطئه، ولو أنه أيقن بهذه الحقيقة لاستراح باله، ولكن العبد يستعجل. قال ابن القيم في الفوائد: والعبد لجهله بمصالح نفسه، وجهله بكرم ربه، وحكمته ولطفه، لا يعرف التفاوت بين ما منع منه وبين ما ذخر له، بل هو مولع بحب العاجل وإن كان دنيئا، وبقلة الرغبة في الآجل وإن كان عليا.

وعن الحكمة من تأخير الزواج نقول: يجب على العبد أن يوقن بأن الله عز وجل حكيم في فعله وفي أمره، فلا يفعل شيئا إلا لحكمة، ولا يأمر بشيء إلا لحكمة كذلك، وهذا مقتضى وصفه بالحكمة جل وعلا في آيات كثيرة، لكنه ليس كل حكمة تدرك العقول كنهها،  فقد يرى العبد بعض القدر شرا وفي طياته من الحكمة الشيء العجيب.

يقول ابن عثيمين في اللقاء الشهري: أما القدر الذي هو فعل الله فليس فيه شر؛ لأن الله لا يفعل شيئا إلا لحكمة، حتى وإن كان شرا بالنسبة للناس فهو حكمة. {ظهر الفساد في البر والبحر بما كسبت أيدي الناس} الفساد خير أم شر؟ شر، لكن الله قدره لمصلحة عظيمة: {ليذيقهم بعض الذي عملوا لعلهم يرجعون}. فقدر الله الذي هو تقديره ليس فيه شر، والمقدور الذي هو المخلوق هذا فيه خير وشر.

وقد تقدمت لنا فتاوى عن تأخر الزواج أسبابه، وحلوله، راجعي منها للفائدة الفتاوى التالية: 138443، 96427.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة