علاج الوساوس والشكوك حول السيرة النبوية والقرآن

0 377

السؤال

من الذين أوصلوا لنا أن الرسول صلى الله عليه وسلم كان موجودا في الماضي؟ ومن الذين أوصلوا لنا سيرته؟ تنتابني الوساوس حول هذا الموضوع وحول تحريف المصحف!! وأستغفر الله.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإنه قد وصلت إلينا سيرة وأخبار الرسول صلى الله عليه وسلم بواسطة النقل المتصل بالأسانيد المتواترة بنقل العدول الثقات عبر العصور والأجيال من عهد الصحابة والتابعين ومن بعدهم، وقد تميزت أمتنا بخصيصة الإسناد، وهي مفخرة تفردت بها الأمة الإسلامية، والناظر في حالها الآن بعد مضي أربعة عشر قرنا على وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم يجد ما لا يقل عن مئات الألوف من أهل الدراية بالحديث عندهم إجازات وأسانيد في بعض كتب السنة التي تناقلها الرواة إليهم بالسند المتصل عن رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وأما عن الوسوسة في تحريف المصحف: فعليك بالإعراض الكلي عنها، وثقي أن القرآن كلام الله تعالى، وهو محفوظ من التغيير والتبديل، فقد تعهد الله بذلك في قوله: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون {الحجر:9}.

ولا أدل على ذلك من وجود هذه الأعداد الكثيرة من المصاحف متفقة غير مختلفة مع تباعد الأقطار، فالمصحف في الصين لا يختلف عن المصحف الموجود في الغرب، والحافظ في أندونيسيا يتفق حفظه مع حفظ الحافظ في موريتانيا، فعليك بالإعراض الكلي عن الوسوسة في هذا الموضوع وفي غيره، فقد سئل ابن حجر الهيتمي عن داء الوسوسة، هل له دواء؟ فأجاب بقوله: له دواء نافع، وهو الإعراض عنها جملة كافية، وإن كان في النفس من التردد ما كان، فإنه متى لم يلتفت لذلك لم يثبت، بل يذهب بعد زمن قليل، كما جرب ذلك الموفقون، وأما من أصغى إليها وعمل بقضيتها، فإنها لا تزال تزداد به حتى تخرجه إلى حيز المجانين، بل وأقبح منهم، كما شاهدناه في كثيرين ممن ابتلوا بها وأصغوا إليها وإلى شيطانها...

فتأملي هذا الدواء النافع الذي علمه من لا ينطق عن الهوى لأمته، واعلمي أن من حرمه فقد حرم الخير كله، لأن الوسوسة من الشيطان اتفاقا، واللعين لا غاية لمراده إلا إيقاع المؤمن في وهدة الضلال والحيرة ونكد العيش وظلمة النفس وضجرها إلى أن يخرجه من الإسلام وهو لا يشعر: إن الشيطان لكم عدو فاتخذوه عدوا {فاطر:6}.

وذكر العز بن عبد السلام وغيره نحو ما قدمته، فقالوا: دواء الوسوسة أن يعتقد أن ذلك خاطر شيطاني وأن إبليس هو الذي أورده عليه وأنه يقاتله، فيكون له ثواب المجاهد، لأنه يحارب عدو الله، فإذا استشعر ذلك فر عنه. انتهى.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات