السؤال
لو سمحت لي سؤال: لي صديق كان معه مبلغ 32 ألف جنيه، من تعبه وشقائه، وضم إلى هذا المبلغ فلوسا حراما، واختلطت الفلوس ببعضها، واشترى شقة بكل الفلوس الحلال مع الحرام، ولكن حصلت مشاكل أيام الثورة، وأخذت الشقة، وبعد ذلك، بعد مشاكل كثيرة استطاع أن يبيع الشقة ب 30 ألف جنيه. هل تكون ال30 ألف جنيه حرام أم حلال ويستطيع أن يصرف منها أم لا ؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالمال الحرام الذي اكتسبه صديقك يبقى في ذمته، ولا تتم توبته إلا بالتخلص منه، وذلك برده إلى مالكه إن كان له مالك معين حي، أو إلى ورثته إن كان ميتا. فإن لم يكن له مالك معين، صرفه في مصالح المسلمين العامة، أو دفعه إلى الفقراء والمساكين. وراجع في ذلك الفتاوى ذوات الأرقام التالية: 38190، 94884، 106472.
قال ابن مفلح في (الفروع): الواجب في المال الحرام التوبة، وإخراجه على الفور .. اهـ.
وجاء في (فتاوى اللجنة الدائمة): يعيد المال الحرام إلى أهله، أو ورثتهم، وإذا لم يستطع ذلك لعدم معرفتهم أو نحو ذلك، فيتصدق به عن أهله على الفقراء، مع التوبة والاستغفار والندم على ما وقع، والعزم على عدم العودة لذلك. اهـ.
وبهذا يعلم السائل أن على صديقه أن يخرج قدر ما حصله من المال الحرام، سواء من المبلغ الذي باع به الشقة أو من غيره، وإن استغرق ذلك المبلغ كله.
وليحمد الله تعالى أن عجل له العقوبة في الدنيا لينتبه ويتوب، فقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أراد الله بعبده الخير عجل له العقوبة في الدنيا، وإذا أراد الله بعبده الشر أمسك عنه بذنبه حتى يوافي به يوم القيامة. رواه الترمذي، وحسنه الألباني.
وأخيرا ننبه على أن هذا المال الحرام إن لم يكن له مالك معين، وكان مكتسبه من الحرام محتاجا إليه حاجة حقيقية، ولا يجد غيره لقضاء حاجته، فإن له أن يأخذ منه بقدر حاجته دون زيادة، أسوة ببقية الفقراء.
قال شيخ الإسلام ابن تيمية: فإن تابت هذه البغي، وهذا الخمار، وكانوا فقراء، جاز أن يصرف إليهم من هذا المال قدر حاجتهم، فإن كان يقدر يتجر، أو يعمل صنعة كالنسج والغزل، أعطي ما يكون له رأس مال. اهـ.
وراجع الفتويين: 196949، 138376.
والله أعلم.