حكم بغض البنت لأمها لتفضيلها أختها عليها

0 357

السؤال

أنا متزوجة، وعندي طفلتان، وأتقاضى راتبا شهريا 9500 ريال ‏قطري، ولي أخت واحدة غير متزوجة، ‏عمرها 32 سنة، وتعمل أيضا ‏بالدوحة كطبيبة براتب 17000 ‏ريال، وأمي تتقاضى معاشا شهريا ‏عن نفسها وعن أبي، أمي تفرق في ‏المعاملة بشكل أكثر من ملحوظ بيني ‏وبين أختي، فهي تحبها جدا لدرجة ‏أنها كتبت لها وحدها كل ما تملك ‏بيعا وشراء، إلى جانب أنها طالبتني ‏بأن أعطيها جزءا من إرثي عن ‏والدي، ورفضت طلبها، وأيضا ‏كان والدي قد كتب لنا شقة تمليك ‏مناصفة بيني وبين أختي، فأخفت أمي ‏الورق لتمكن أختي فقط منها، وقالت ‏لي: لقد تزوجت وأخذت حقك من ‏الدنيا، وأنا أقيم ميزان العدل، هكذا ‏طلبت العوض من ربي، وكتمت في ‏نفسي، وبعدها أصبحت أمي تخفي ‏عني أي شيء عن الميراث، ودائمة ‏الكذب بصورة لا تصدق، ونجحت ‏أن أعمل لها إقامة بالدوحة خوفا ‏عليها من المكوث لوحدها، ومنذ ‏اليوم الذي وطئت قدمها فيه، وهي لا ‏تراعيني، ولا أولادي حتى إذا ‏مرضت أنا أو أثناء حملي، لم أجدها، ‏فهي دائمة الالتصاق بأختي، وتعيش ‏معها بمنزلها، وإذا طلبت منها شيئا ‏تبدأ الأعذار والحجج الواهية حتى لا ‏تأتي، لدرجة أن بنتي مرضت بالبرد ‏فانقطعت عن زيارتي حتى لا تنتقل ‏العدوى لها، ثم منها لأختي، وهي ‏تخاف على صحة أختي جدا، و‏منعتني أيضا من دخول منزلهم خوفا ‏من العدوى لأختي. هذا ما نقلته عن ‏لسانها، وأكرمني الله واشتريت شقة ‏تمليك من حر مالي، فطلبت مني أن ‏أكتب نصفها لأختي، فرفضت طلبها، ‏فإذا بها تنقل كل الحوار لأختي مما ‏ترتب عنه ضيق الصدور، هي الآن ‏تحملني معظم نفقاتها المادية هنا لمدة ‏عامين، ولا تكلف نفسها أو أختي ‏شيئا حتى أجرة التاكسي، وقالت لي ‏أنا لن أسأل أحدا سواك، خوفا منها ‏أن تمس مدخرات أختي، وهي لا ‏تعبأ بإمكانياتي القليلة، ولا تعبأ ‏بأسرتي ولا التزاماتي وأننا في ‏غربة، وقالت لي نصا: أنا لن أمس ‏معاشي، وسوف أدخره كله حتى ‏يصير مبلغا كبيرا وأعطيه لأختك ‏لينفعها، وهي تريد أن تدخر أموالها ‏وتلقي على عاتقي معظم المصاريف ‏لتتمكن من الادخار لصالح أختي، و قالت إن أموالها طالما هي على قيد ‏الحياة يجوز لها أن تعطيها كهدية ‏لمن تشاء من أولادها دون الآخر، ‏كما أني عملت لها توكيلا لتسهيل ‏بعض الأمور الخاصة بميراثي عن ‏والدي، واكتشف أنها تستخدمه لرفع ‏القضايا باسمي دون علمي، وعندما ‏أسألها تصيح وتصرخ، وتنهال علي ‏بوابل من السباب. ‏
عندي سؤالان:‏
‏ الأول: هل يحاسبني ربي على ‏مشاعري تجاهها؛ لأن مشاعري ‏تغيرت جدا، ولا أستطيع التحكم بها ‏من كثرة الظلم والتفرقة، مع العلم ‏أني أخاف ربي جدا، ودائمة ‏الاستغفار لتحول قلبي عنها حتى إنني ‏أصبحت لا أحب أن أراها أو أتعامل ‏معها، ولكني لا أفعل كل هذا داخلي ‏فقط لكني أزورها وتزورني و‏أحترمها، لكني أشعر أنني أمثل؛ لأن ‏ما أفعله فقط لخوفي من الله وليس من ‏دافع الحب تجاهها.‏
‏ فهل أحاسب على تلك المشاعر؟ ‏
والسؤال الثاني: هل إذا أوقفت ‏الصرف عليها لصالحي ولصالح ‏أسرتي وأولادي يكون في ذلك إثم، مع العلم ‏أن المال متوفر لديها ولدى أختي، وهي ‏في كامل الصحة وأنا أشعر ‏بالاستغلال الشديد، وتجاهل منها ‏لحقوق أبنائي الصغار.‏
‏ أرجو المشورة.‏

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فإننا نشكرك أولا على خوفك من حساب رب العالمين، ونسأل الله أن يهدي أمك ويصلح حالها، ويلهمها رشدها. وإننا بهذه المناسبة نحثك على الإكثار من الدعاء لها، فالدعاء من خير الأبواب التي يمكن من خلالها تحقيق الرغبات، والله تعالى قد أمر به ووعد بالإجابة حيث قال سبحانه: وقال ربكم ادعوني أستجب لكم إن الذين يستكبرون عن عبادتي سيدخلون جهنم داخرين {غافر:60}.

وأما بالنسبة لسؤالك الأول، فلا مؤاخذة - إن شاء الله - في مجرد الشعور القلبي بالبغض للأم بسبب هذه التصرفات السيئة التي تصدر منها، ولا شك في أن برها واجب مهما أساءت، وقد أحسنت ببرك لها وإظهارك احترامك لها والحرص على صلتها، فجزاك الله خيرا. وراجعي الفتوى رقم: 189667.

وأما السؤال الثاني، فجوابه: إذا لم تكن أمك في حاجة إلى المال، فنفقتها غير واجبة عليك، فلا إثم عليك - إن شاء الله - إن توقفت عن الصرف عليها. ومهما أمكنك مساعدتها ودفع شيء من المال - من غر ضرر يلحقك من ذلك - فافعلي، فإنك بذلك تتقين شرها أو بعض شرها، وربما تعقدت مشكلتك إن أمسكت عن الإنفاق عليها.

  ومن الغريب ما ذكرت من شأن أمك وتصرفاتها معك، إذ الغالب في الأم الشفقة على أولادها، والإناث منهم خاصة.

فوصيتنا لك أن تلتمسي أسباب هذه التصرفات، والعمل على علاجها بما يناسب. وانظري إن كان ثمة من يمكنه أن يصلح ما بينك وبين أمك من عقلاء الناس .

وننبه في الختام على بعض الأمور:

الأمر الأول: أن التسوية بين الأولاد في العطية المالية واجب على الراجح من أقوال الفقهاء. وينبغي للأم التسوية بين أولادها بما في ذلك الأمور العاطفية.

قال ابن قدامة في المغني: ولا خلاف بين أهل العلم في استحباب التسوية وكراهة التفضيل، قال إبراهيم: كانوا يستحبون أن يسووا بينهم حتى في القبل. اهـ.

ولمزيد الفائدة راجعي الفتوى رقم: 6242.

الأمرالثاني: أن الواجب إيصال الحقوق إلى أصحابها ،وعدم الحيلولة بينهم وبينها، سواء في ذلك الميراث أم غيره. فحرمان الورثة شيئا من حقهم ظلم، والظلم ظلمات يوم القيامة. ونرجو أن تراجع الفتوى رقم: 1809  ففيها تفصيل القول فيما يتعلق بحق الورثة في راتب التقاعد.

الأمر الثالث: أن اجتناب السليم للمريض خوفا من انتقال العدوى، لا حرج فيه شرعا، وسبق أن بينا ذلك بالفتوى رقم: 75496 والأرقام المحال عليها فيها.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات