صلاة وطواف من شك بانتقاض وضوئه

0 236

السؤال

حججت السنة الماضية, وشككت في طهارتي لسماعي صوتا قبل شروعي في صلاة الفجر ولم ألتفت إليه، لوجود مشقة في إعادة الوضوء, وأديت الصلاة ومن ثم ذهبت إلى مكة لأداء طواف الإفاضة؟ فهل صلاتي وحجي صحيحان؟ وإن لم يكن كذلك، فما الواجب علي فعله؟ وهل لا زال ركن الإفاضة في ذمتي؟ وأنا متزوجة وقد حدث الجماع، أرجو إفادتي سريعا خصوصا أنني في أشهر الحمل الأخيرة.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على نبينا محمد وعلى آله وصحبه ومن والاه، أما بعد:

فإذا كنت شككت في انتقاض الوضوء ولم تتيقني، فإن صلاتك صحيحة وطوافك صحيح ولا يلزمك شيء، لأن اليقين لا يزول بالشك, فالشك في انتقاض الوضوء لا عبرة به ولا يؤثر على صحة الوضوء, بل نص الفقهاء على أن غلبة الظن في هذا الباب كالشك لا يلتفت إليها، كما قال الزركشي في شرح مختصر الخرقي: الشك في كلام الخرقي خلاف اليقين، وإن انتهى إلى غلبة الظن، وفاقا للفقهاء واللغويين، كما قاله الجوهري وابن فارس وغيرهما... اهـ.

وفي أسنى المطالب من كتب الشافعية: لا فرق بين التساوي والرجحان، وبه صرح النووي في دقائقه وغيرها، فقال: الشك هنا وفي معظم أبواب الفقه هو التردد سواء المستوي والراجح... اهــ.

وقال النووي في المجموع: قال أصحابنا: وسواء في الشك استوى الاحتمالان عنده أو ترجح أحدهما، فالحكم سواء.

والخلاصة أنه ما لم تتيقني من انتقاض الوضوء بالريح، فإن صلاتك وطوافك صحيحان, وأما لو تيقنت من انتقاضه فإن صلاتك غير صحيحة، لحديث: لا يقبل الله صلاة أحدكم إذا أحدث حتى يتوضأ. متفق عليه.

فيلزمك إعادتها.
وأما الطواف: فعلى قول الجمهور القائلين بأن الطهارة شرط لصحة الطواف، فطوافك غير صحيح ويلزمك العودة إلى مكة لتطوفي طواف الإفاضة وتعتبرين محرمة يبقى عليك التحلل الثاني ويجب عليك اجتناب المباشرة والجماع, فإن حصل منك جماع لم يبطل الحج ما دمت تحللت التحلل الأول، ولكن يلزمك دم أي شاة تذبح وتوزع على فقراء الحرم, قال في الروض: والوطء بعد التحلل الأول لا يفسد النسك، وعليه شاة. اهــ.

وإن كنت جاهلة بالحكم فلا شيء عليك في المفتى به عندنا، لقوله تعالى: وليس عليكم جناح فيما أخطأتم به ولكن ما تعمدت قلوبكم وكان الله غفورا رحيما {الأحزاب:5}.

كما يلزمك أيضا عند بعض العلماء أن تحرمي من جديد عند ذهابك لمكة لأجل الطواف، لأن إحرامك الأول قد فسد بالجماع، كما فصلناه في الفتوى رقم: 64459.

وذهب بعض الفقهاء إلى أن الطهارة مستحبة فقط، فيصح عندهم الطواف بغير وضوء، وذهب آخرون إلى أن الطهارة واجبة للطواف وليست شرطا في صحته، وأن من طافت على غير طهارة فطوافها صحيح ويلزمها بدنة، وهو رواية عن أحمد ومذهب أبي حنيفة، وجوز بعض الشافعية الأخذ بهذا القول عند الضرورة، جاء في الموسوعة الفقهية: فإن طافت وهي حائض، فلا يصح طوافها عند الجمهور ـ المالكية والشافعية والحنابلة ـ وذهب الحنفية إلى صحته مع الكراهة التحريمية، لأن الطهارة له واجبة، وهي غير طاهرة، وتأثم وعليها بدنة. اهــ.

ونرجو أن يكون لك سعة في الأخذ بأحد هذه الأقوال, وانظري الفتوى رقم: 140656.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة