السؤال
عندي صديق ـ والحمدلله ـ تاب والتزم، والآن يصوم الاثنين والخميس ويقوم الليل، إلا أنه عندما كان صغيرا كان يسرق من أهله، وهو نادم ويتمنى أن يرد الأموال إلى أهله، إلا أنه لا يذكر المبلغ الذي قام بسرقته وهو خائف من العقاب ويتمنى أن ترشدوه إلى حل، فهل يستطيع أن يزكي مبلغا تقديريا لكي يتطهر من الحرام؟ وهل إذا أكل الشخص مالا حراما وهو لا يعلم أنه حرام يأثم على ذلك؟ وجزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فما سرقه صاحبك قبل بلوغه لا إثم عليه فيه، لقول النبي صلى الله عليه وسلم: رفع القلم عن ثلاثة: عن النائم حتى يستيقظ، وعن الصبي حتى يشب، وعن المعتوه حتى يعقل. رواه أحمد وأصحاب السنن عن علي وعائشة رضي الله عنهما.
لكن يجب عليه رد ما سرقه، وإذا جهل مقداره فليحتط في ذلك وليخرج ما يغلب على ظنه براءة ذمته به، ولا يلزمه أن يبين لأهله حقيقة ما حصل منه، بل يكفيه أن يرد إليهم أموالهم بطرق غير مباشرة، كما بينا في الفتوى رقم: 148417.
وأما آكل الحرام جاهلا: فإنه لا إثم عليه، قال شيخ الإسلام ابن تيمية في مجموع الفتاوى: ما في الوجود من الأموال المغصوبة والمقبوضة بعقود لا تباح بالقبض إن عرفه المسلم اجتنبه، فمن علمت أنه سرق مالا أو خانه في أمانته أو غصبه فأخذه من المغصوب قهرا بغير حق لم يجز لي أن آخذه منه لا بطريق الهبة ولا بطريق المعاوضة ولا وفاء عن أجرة ولا ثمن مبيع ولا وفاء عن قرض، فإن هذا عين مال ذلك المظلوم؛ وإن كان مجهول الحال، فالمجهول كالمعدوم. والأصل فيما بيد المسلم أن يكون ملكا له إن ادعى أنه ملكه، فإذا لم أعلم حال ذلك المال الذي بيده بنيت الأمر على الأصل، ثم إن كان ذلك الدرهم في نفس الأمر قد غصبه هو ولم أعلم أنا كنت جاهلا بذلك، والمجهول كالمعدوم، لكن إن كان ذلك الرجل معروفا بأن في ماله حراما ترك معاملته ورعا، وإن كان أكثر ماله حراما ففيه نزاع بين العلماء، وأما المسلم المستور: فلا شبهة في معاملته أصلا، ومن ترك معاملته ورعا كان قد ابتدع في الدين بدعة ما أنزل الله بها من سلطان. اهـ بتصرف يسير من مجموع الفتاوى.
والله أعلم.