السؤال
هل يصح قول عمر لأبي هريرة رضي الله عنهما: يا عدو الله ورسوله سرقت مال الله ـ فقال أبو هريرة: لست عدوهما، بل عدو من عاداهما ...إلخ؟ فهذه القصة يحتج بها الروافض على سقوط عدالة أبي هريرة, وبحثت عنها في موقع الشيخ الألباني فلم أجدها، وبحثت عنها في محرك البحث المشهور جوجل فوجدتها ولم أجد لإسنادها تحقيقا، أفيدونا جزاكم الله خيرا.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالأثر المذكور قد أخرجه الحاكم في المستدرك عن أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ قال: قال لي عمر: يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله! قال: قلت: لست عدو الله، ولا عدو الإسلام، ولكني عدو من عاداهما، ولم أخن مال الله، ولكنها أثمان إبلي، وسهام اجتمعت، قال: فأعادها علي، وأعدت عليه هذا الكلام، قال: فغرمني اثني عشر ألفا، قال: فقمت في صلاة الغداة، فقلت: اللهم اغفر لأمير المؤمنين، فلما كان بعد ذلك أرادني على العمل، فأبيت عليه، فقال: ولم وقد سأل يوسف العمل وكان خيرا منك؟ فقلت: إن يوسف نبي، ابن نبي، ابن نبي، ابن نبي، وأنا ابن أميمة، وأنا أخاف ثلاثا واثنتين قال: أولا تقول خمسا؟ قلت: لا، قال: فما هن؟ قلت: أخاف أن أقول بغير علم، وأن أفتي بغير علم، وأن يضرب ظهري، وأن يشتم عرضي، وأن يؤخذ مالي بالضرب.
والأثر إسناده صحيح، قال الحاكم: هذا حديث بإسناد صحيح على شرط الشيخين ولم يخرجاه. اهـ.
وقال الذهبي: على شرط البخاري ومسلم. اهـ.
وليس في هذا الأثر ما يفرح أهل البدع الطاعنين في الصحابة، فإن قول عمر رضي الله عنه: يا عدو الله وعدو الإسلام خنت مال الله ـ هي مما يجري على اللسان حال الغضب ولا يقصد به حقيقته، وأهل السنة لا يدعون العصمة للصحابة.
ولو كان عمر ـ رضي الله عنه ـ يرى أبا هريرة رضي الله عنه عدوا لله ـ وحاشاه من ذلك ـ لما أراد أن يؤمره مرة أخرى، كما في هذا الأثر نفسه.
وفي هذا الأثر من الدلالة على مناقب هذين الصحابيين الجليلين ما يجعله شجى في حلوق أهل الأهواء، فمن ذلك: ورع أبي هريرة ـ رضي الله عنه ـ وزهده في تقلد المناصب وتجافيه عنها، وفيه: طيب نفسه ـ رضي الله عنه ـ وصفاء قلبه، فقد دعا لعمر رضي الله عنه وقد وبخه وأخذ من ماله! وفيه أيضا: حرص أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ على المال العام، ومحاسبته للولاة، وعدم محاباتاه فيما يظن أنه حق، وفيه: رجوع أمير المؤمنين عمر ـ رضي الله عنه ـ إلى الحق بطلبه من أبي هريرة رضي الله عنه أن يعمل له مرة أخرى.
والله أعلم.