الحكمة من إعفاء اللحية، وكون أهل الجنة مردا

0 835

السؤال

ما الحكمة من إعفاء اللحية ؟ ولماذا أهل الجنة مرد ليس لهم لحى ؟
جزاكم الله خيرا.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فإن التعليل الذي وردت به النصوص في الأمر بإعفاء اللحى هو مخالفة المشركين. فعن ابن عمر، عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: خالفوا المشركين: وفروا اللحى، وأحفوا الشوارب. متفق عليه. وعن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:  جزوا الشوارب، وأرخوا اللحى، خالفوا المجوس. أخرجه مسلم

 وينبغي أن يعلم العبد أن عليه الانقياد والتسليم للحكم الشرعي، وإن لم يعلم الحكمة منه، فليس كل حكم شرعي له علة يعلمها العباد، وما يستنبط أحيانا من العلل قد يكون فيه نوع من القصور يجعله عرضة للأخذ والرد، فأولى ما يقال في تعليل الأحكام الشرعية: أن الشرع قد جاء بها.

 قال الشيخ ابن عثيمين: فنهي النبي صلى الله عليه وسلم وأمره الشرعي هو العلة بالنسبة للمؤمن, بدليل قوله تعالى: {وما كان لمؤمن ولا مؤمنة إذا قضى الله ورسوله أمرا أن يكون لهم الخيرة من أمرهم} [الأحزاب: 36]. فالمؤمن يقول: سمعنا وأطعنا, ويدل لذلك أن عائشة سئلت: ما بال الحائض تقضي الصوم ولا تقضي الصلاة؟ قالت: كان يصيبنا ذلك؛ فنؤمر بقضاء الصوم، ولا نؤمر بقضاء الصلاة. فبينت أن العلة في ذلك هو الأمر, لكن ذلك لا يمنع أن يتطلب الإنسان الحكمة المناسبة؛ لأنه يعلم أن أوامر الشرع ونواهيه كلها لحكمة، فما هي الحكمة؟ وسؤال الإنسان عن الحكمة في الأحكام الشرعية أو الجزائية أمر جائز، بل قد يكون مطلوبا إذا قصد به العلم؛ ولهذا لما قال الرسول صلى الله عليه وسلم في النساء: إنكن أكثر أهل النار، قلن: بم يا رسول الله؟ فسألن عن الحكمة؟ قال: لأنكن تكثرن اللعن, وتكفرن العشير, وأما إذا قصد أنه إن بانت العلة امتثل وإلا فلا، فالسؤال حينئذ حرام؛ لأنه لازمه قبول الحق إن وافق هواه، وإلا فلا. اهـ.

وأما كون أهل الجنة مردا ليس لهم لحى، فالحكمة فيه هي أن ذلك أكمل في الحسن والجمال.

قال ابن القيم في النونية:

ألوانهم بيض وليس لهم لحى ... جعد الشعور مكحلو الأجفان

هذا كمال الحسن في أبشارهم ... وشعورهم وكذلك العينان

 جاء في شرحه للهراس: يعني أن أهل الجنة يدخلونها بيضا، جردا، ليس لهم لحى، جعد الشعور، في شعورهم تكسر وليست سبطة، مكحلي الأجفان. وهذا هو تمام الحسن في هذه الأشياء الثلاثة. فتمام الحسن في اللون أن يكون أبيض صافيا، وتمامه في الشعر أن يكون جعدا، وتمامه في العينين أن تكونا مكتحلتين. روى الإمام أحمد، عن سعيد بن المسيب، عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يدخل أهل الجنة الجنة جردا، مردا، بيضا، جعادا، مكحلين، أبناء ثلاث وثلاثين، وهم على خلق آدم ستون ذراعا في عرض سبعة أذرع .اهـ.

 وانظر للفائدة الفتوى رقم: 185569

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة