معيار قبول قول الطبيب الكافر في الفطر ونحوه

0 258

السؤال

لو أن مسلما يعالج من بعض الأمراض، وأخبره الطبيب الثقة(غير مسلم لأنه في بلد غير مسلم) أنه لا بد له من أخذ الدواء كل يوم في فترات لا يستطيع معها الصيام (يعاني من القلب والضغط) وقد لا يستطيع الصيام هذا العام.
فماذا عليه أن يفعل ؟
ولو كانت هناك كفارة، ليتكم تتفضلون بشرح كيفيتها شرحا وافيا. هل يخرجها أول الشهر كاملة؟ هل يفرقها؟
هل يجوز له إخراجها بعد الشهر ؟
كل ما يتعلق بالكيفية وضحوها.
وجزاكم الله خيرا ونفع الله بكم.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

 فقد اختلف العلماء في الرجوع إلى قول الطبيب الكافر في الفطر ونحوه كالصلاة قاعدا، والعدول عن الوضوء إلى التيمم. والذي رجحه العلامة ابن عثيمين -رحمه الله- أنه يقبل قوله إذا علم صدقه وأمانته.

قال رحمه الله: وذهب بعض أهل العلم إلى اشتراط الثقة فقط دون الإسلام، وقال: متى كان الطبيب ثقة عمل بقوله وإن لم يكن مسلما. واستدلوا لذلك: بأن رسول الله صلى الله عليه وسلم عمل بقول الكافر حال ائتمانه؛ لأنه وثق به، فقد استأجر في الهجرة رجلا مشركا من بني الديل، يقال له: عبد الله بن أريقط ليدله على الطريق من مكة إلى المدينة، مع أن الحال خطرة جدا أن يعتمد فيها على الكافر؛ لأن قريشا كانوا يطلبون النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا بكر حتى جعلوا لمن جاء بهما مائتي بعير، ولكن لما رأى النبي صلى الله عليه وسلم أنه رجل أمين، وإن كان كافرا ائتمنه ليدله على الطريق، فأخذ العلماء القائلون بأن المدار على الثقة أنه يقبل قول الطبيب الكافر إذا كان ثقة، ونحن نعلم أن من الأطباء الكفار من يحافظون على صناعتهم ومهنتهم أكثر مما يحافظ عليها بعض المسلمين لا تقربا إلى الله عز وجل أو رجاء لثوابه، ولكن حفاظا على سمعتهم وشرفهم، فإذا قال طبيب غير مسلم ممن يوثق بقوله لأمانته وحذقه: إنه يضرك أن تصلي قائما ولا بد أن تصلي مستلقيا، فله أن يعمل بقوله، ومن ذلك أيضا لو قال له الطبيب الثقة: إن الصوم يضرك، أو يؤخر البرء عنك، فله أن يفطر بقوله. وهذا هو القول الراجح لقوة دليله وتعليله. انتهى.

فإن أمكنك الرجوع إلى خبر طبيب مسلم فهو أولى، وإلا فلك العمل بقول هذا الطبيب.

قال في منح الجليل: يحكم بقول الطبيب الكافر، وغير العدل فيما اضطر فيه لقوله لمعرفته بالطب دون غيره. انتهى.

وحيث جاز لك الفطر لأجل المرض، فإن الواجب عليك أن تقضي عدة الأيام التي تفطرها ما دام هذا المرض مما يرجى برؤه، ولا يجب عليك فدية ولا كفارة وإنما يجب عليك القضاء فحسب عند قدرتك عليه؛ لقوله تعالى:   ومن كان مريضا أو على سفر فعدة من أيام أخر {البقرة:185}. وأما إن كان مرضك هذا مما لا يرجى برؤه فالواجب عليك إطعام مسكين عن كل يوم تفطره؛ لقوله تعالى: وعلى الذين يطيقونه فدية طعام مسكين {البقرة:184}.

 وأما مقدار الفدية، ووقت إخراجها حيث وجبت بدلا عن الصوم فمبين في الفتوى رقم: 140080 فانظرها، وحد المرض المبيح للفطر قد أوضحناه في الفتوى رقم: 126657.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة