السؤال
لماذا ذكر في القرآن الكريم بنو إسرائيل وليس قوما آخرين ؟
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:
فقد ذكر الله تعالى في كتابه العزيز شعوبا وأمما كثيرة غير بني إسرائيل، حيث تناول قصة قوم نوح وعاد وثمود وصالح ويونس ولوط وإبراهيم، وهؤلاء كلهم كانوا قبل وجود بني إسرائيل .
وقد جاء الحديث عن هذه الأمم في معرض أخذ العبر لما حل بها من العذاب عندما لم يتقبلوا ما جاءتهم به رسلهم من التوحيد والتشريع، فاستحقوا العقوبة من الله على ذلك .
ولا شك إن المتتبع للقرآن الكريم يجد أن الحديث عن بني إسرائيل كان أكثر من غيرهم، وذلك يعود إلى سببين:
أحدهما: أن أكثر الرسل المذكورين في القرآن كانوا من بني إسرائيل، مما يستدعي الحديث عنهم بشكل كبير .
ثانيهما: أن بعض بني إسرائيل كانوا يسكنون في الجزيرة العربية، وكان لهم موقف معارض للدين الإسلامي الجديد، وبما أنهم أهل كتاب سابق أخذ القرآن يذكر لهم قصص قومهم مع أنبيائهم للبرهنة على صدق الرسول صلى الله عليه وسلم، وفي نفس الوقت ليقيم عليهم الحجة بذلك، هذا إلى جانب تنبيه المنتمين للدين الإسلامي على أخبار هؤلاء القوم، وأنهم في أغلب أحوالهم قوم بهت تغلغلت فيهم العداوة والبغضاء للآخرين، وليس هذا بمستغرب على قوم قتلوا أنبياءهم، ووصفوا الله تعالى بأوصاف لا تليق بالخالق سبحانه -تعالى الله عما يقولون علوا كبيرا- ولهذا لم يترك القرآن لهم دسيسة إلا أن أخبر بها ولا خسيسة إلا أظهرها للعيان حتى يأخذ المسلمون حذرهم منهم ويكونوا على بصيرة بهم، ومن جملة ذلك أكلهم للربا ونقضهم للعهود والمواثيق، إلى غير ذلك من الأوصاف.
وأغرب ما في هذه الأوصاف وأشرها ملاصقة بحال أهل الأرض الآن صفتان:
الأولى: ذكرها جل وعلا بقوله:أو كلما عاهدوا عهدا نبذه فريق منهم .[البقرة:100) .فكأن هذه الآية أنزلت اليوم.
الثانية: أنهم يسعون في الأرض فسادا، والله لا يحب المفسدين، فهم الذين يتبعون الشهوات، وقد قال جل وعلا عنهم:ويريد الذين يتبعون الشهوات أن تميلوا ميلا عظيما .[النساء:27] .
ولا يوجد فساد في الأرض الآن إلا ووراءه اليهود - عليهم لعائن الله - فهم الذين أفسدوا أخلاق البشرية، فصار الإنسان يفعل ما يترفع عن فعله أرذل حيوان.
والله أعلم.