هل ينفذ التبرع لغير الورثة

0 288

السؤال

هناك امرأة كبيرة في السن قد تبرعت وكتبت ما تملكه من بيت وأراض تخصها لأبناء عم العم ممن لا يستحقون الإرث منها في حال وفاتها، والسؤال هو: هل يجوز تصرفهاهذا رغم أنها قامت به وهي في كامل قواها العقلية وباختيارها علما بأن لها أبناء وبنات عم العم آخرين يستحقون الإرث منها في حال وفاتها، فهل يجوز لهؤلاء الأقارب الموهوب لهم الانتفاع بالبيت والأراضي؟ وفي حال مطالبة ورثتها بالبيت والأراضي هل يحق لهم ذلك؟ وهل لهم نصيب أو حق في هذه الممتلكات ؟ الرجاء الإجابة بالتفصيل والأدلة، لأننا سنعتمد على هذه الفتوى في بيان الحق في المسألة وإبراء الذمة. كما نرجو الإجابة في أسرع وقت وفقكم الله لطاعته.والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه أما بعد:

فإذا كانت هذه المرأة قد تبرعت بهذا المال حال صحتها ورشدها على أن التبرع ينفذ أثناء حياتها، ودون توقيف على موتها وحيز حيازة حقيقية للموهوب لهم، فهو هبة صحيحة لا شيء فيها من جهة الشرع؛ لأن الإنسان له حرية التصرف في ماله، ما لم يكن في ذلك إسراف أو تبذير، أو إنفاق في أوجه غير مشروعة، وقد حصل ذلك من الصحابة - رضي الله عنهم - وأقرهم الرسول صلى الله عليه وسلم على فعله، ولأن ذلك داخل تحت قول الله تعالى:يا أيها الذين آمنوا أنفقوا مما رزقناكم [البقرة:254]، وقوله تعالى:وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السماوات والأرض أعدت للمتقين * الذين ينفقون في السراء والضراء [آل عمران:133، 134].
وغير ذلك من الآيات التي تأمر بالإنفاق وتحض عليه، وليس في مثل هذا الإنفاق شبهة الإضرار بالورثة؛ لأن المال ينتزع من المنفق في حياته، فما كان من ضرر فإنه سيعود عليه أولا.
وفي هذه الحالة لا يجوز للورثة المطالبة بشيء مما تبرعت به المتوفاة، لأنه صار ملكا خاصا للموهوب لهم.
أما إذا كان التبرع بهذا المال الذي تبرعت به المرأة للمذكورين موقوفا على موتها، فإن له حكم الوصية، قال ابن قدامة في المغني: والعطايا المعلقة بالموت، كقوله - إذا مت فأعطوا فلانا كذا، أو أعتقوا فلانا ونحوه - فوصايا حكمها حكم غيرها من الوصايا. اهـ
وهذا يعني أنها تأخذ حكم الوصية، فلا يمضي منها ما كان أكثر من الثلث، ولا يصح أن تكون لوارث، وقد مضى بيان ذلك في الفتوى رقم:
19503.
والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

الصوتيات

المكتبة