الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فالعقيدة هي: الحكم الذي لا يقبل الشك فيه لدى معتقده، والعقيدة في الدين: ما يقصد به الاعتقاد دون العمل كعقيدة وجود الله وبعث الرسل.. والجمع: عقائد، وانظر المعجم الوسيط.
وقد عرفها بعض العلماء بقوله: العقائد: هي الأمور التي يجب أن يصدق بها قلبك، وتطمئن إليها نفسك، وتكون يقينا عندك، لا يمازجه ريب ولا يخالطه شك.
وعلم العقيدة علم يبحث فيما يجب على العبد أن يعتقده في الله تعالى وفي ملائكته وكتبه ورسله، وما يتصل بذلك من الإيمان بالبعث واليوم الآخر والجزاء، والقدر والقضاء.. وانظر الفتوى رقم: 2246.
وأما تعريف التفسير: فهو لغة: من الفسر: بمعنى الإبانة وكشف المراد عن اللفظ المشكل.
وفي الاصطلاح: علم يفهم به كتاب الله تعالى وبيان معانيه واستخراج أحكامه وحكمه.. وانظر دراسات في علوم القرآن للدكتور فهد الرومي، وانظر الفتوى رقم: 41213.
وأما علم الحديث: فقد عرفه بعض العلماء بأنه: علم يعرف به حال الراوي والمروي من حيث القبول والرد، وينقسم إلى قسمين:
الأول: علم الحديث دراية، وهو علم بقواعد وضوابط يعرف بها أحوال سند الحديث ومتنه وكيفية تحمله وأدائه وصفات رواته..
والثاني علم الحديث رواية، وهو: علم يشتمل على ما أضيف إلى النبي صلى الله عليه وسلم من قول، أو فعل، أو تقرير: أي يشتمل على رواية ذلك ونقله وضبطه وتحرير ألفاظه.. اهـ ملخصا من شرح طلعة الأنوار.
وانظر الفتوى رقم: 25676.
والفقه لغة: الفهم، وفي اصطلاح الأصوليين هو: العلم بالأحكام الشرعية الفرعية العملية المكتسب من أدلتها التفصيلية، قال الشيخ سيد عبد الله في المراقي:
والفقه هو العلم بالأحكام للشرع والفعل نماها النامي.
وقال الزركشي في البحر المحيط: والحق أن اسم الفقه يعم جميع الشريعة التي من جملتها ما يتوصل به إلى معرفة الله، ووحدانيته، وتقديسه، وسائر صفاته، وإلى معرفة أنبيائه، ورسله ـ عليهم السلام ـ ومنها: علم الأحوال، والأخلاق، والآداب، والقيام بحق العبودية وغير ذلك.
وعلى هذا التعريف، فالفقه يشمل العقائد والأخلاق والمعاملات..
وفي اصطلاح الفقهاء هو: حفظ طائفة من مسائل الأحكام الشرعية العملية الواردة في الكتاب والسنة، وما استنبط منهما، سواء كان قد حفظها مع أدلتها، أو مجردا عنها، أو هو: مجموع الأحكام والمسائل التي نزل بها الوحي، والتي استنبطها المجتهدون، أو أفتى بها أهل الفتوى، أو توصل إليها أهل التخريج، وبعض ما يحتاج إليه من مسائل الحساب التي ألحقت بالوصايا والمواريث، وانظر الموسوعة الفقهية والمهذب لعبد الكريم النملة.
وانظر الفتوى رقم: 15620.
وهذه العلوم كلها مستمدة ومأخوذة من القرآن الكريم، كما قال الشاطبي في الموافقات: القرآن كلية الشريعة، وعمدة الملة، وينبوع الحكمة، وآية الرسالة، ونور الأبصار والبصائر، لا طريق إلى الله سواه، ولا نجاة بغيره، ولا تمسك بشيء يخالفه.
وأهمية هذه العلوم بالنسبة للقرآن هي: أنها مستمدة منه وشارحة له ومبينة وموضحة لما جاء فيه، وبالنسبة للحديث فإنه وحي، وهو الأصل الثاني من أصول الشريعة بعد القرآن الكريم، فقد قال الله تعالى عن نبيه صلى الله عليه وسلم: وما ينطق عن الهوى * إن هو إلا وحي يوحى {النجم:3 ـ4}.
وقال تعالى: وأنزلنا إليك الذكر لتبين للناس ما نزل إليهم {النحل:44}.
وقال تعالى عنه صلى الله عليه وسلم وعن فهم أهل العلم واستنباطهم للأحكام من أصولها: ولو ردوه إلى الرسول وإلى أولي الأمر منهم لعلمه الذين يستنبطونه منهم {النساء:83}.
ولا يعني ذلك بطلان القرآن الكريم بدون هذه العلوم، فالقرآن قد تكفل الله تعالى بحفظه، وهو أصل وهي فرع عنه ومستمدة منه ـ كما أشرنا ـ ولكن فهم كثير منه يتوقف على بيان الرسول صلى الله عليه وسلم وشرح الراسخين في العلم، وهو ما أشارت إليه الآيات القرآنية التي ذكرنا طرفا منها، ولولا البيان لما فهمنا كثيرا من القرآن، لأن معانيه ليست كلها واضحة لكل أحد، بل قد يتضح لبعض الناس المعنى، وقد يستعصي فهم الكثير من معانيه ويحتاج في فهمه إلى كتب التفسير، وسؤال أهل العلم به، ولذلك فإنه لا يجوز الطعن في هذه العلوم التي هي فرع عن القرآن.
والله أعلم.