السؤال
هل يوجد مخترع مسلم؟
على حد علمي جميع الاخترعات النافعة للإنسان مثل وسائل المواصلات، الحاسب الآلي، والتليفون وجميع ما يحتاج له الإنسان للمعيشة حتى المكتشفات مثل الكهرباء، وحتى علم العلوم، والعلاج الطبي كلها من اختراع واكتشاف غير المسلمين. ولماذا لم يتقدموا في جميع مجالات العلم وكل هذا من عند الله.
فما هي حكمة الله عز وجل في ذلك؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فإنا ننبهك إلى بعض الأمور:
الأول: أنه يوجد كثير من المخترعين المسلمين قديما وحديثا، فمخترع العمل بالإسطرلاب مسلم، ومخترع الهوتميل مسلم، ومخترع علم الجبر مسلم. والحضارة الإسلامية بالأندلس أخذ منها الأوربيون كثيرا من العلوم الطبية، والتجريبية. والبحارة المسلمون هم أول من اخترع البوصلة المغناطيسية.
وفي موسوعة ويكيبيديا ذكر كثير من اختراعات المسلمين في الفيزياء، والكيمياء، والملاحة الجوية.
الثاني: أن المسلم يعتقد أنه هو الفائز الحاصل على أكبر علم وهو العلم الإلهي المأخوذ من الوحيين، وأن الكفار هم الخاسرون بجهلهم لهذا العلم. فالمسلم هو الذي اكتشف أكبر وأهم حقيقة وهي مسألة التوحيد، والعلم بلا إله الا الله التي تنال بها سعادة الدارين، ويعتقد أن الكفار بفقدهم لها قد فقدوا كل مقومات السعادة في الدارين، وما ينالونه في الدنيا شيء زهيد لا تحصل معه السعادة القلبية بل هم يعيشون - مع توفر بعض الاكتشافات، وحصولهم على بعض متاع الدنيا التي لا تزن جناح بعوضة - في المعيشة الضنك؛ فلذا يكثر الانتحار فيهم.
الثالث: أن بسط الرزق وتضييقه من قضاء الله ومشيئته؛ وليس معيارا للنجاح ولا للسعادة؛ فقد قال الله تعالى: الله يبسط الرزق لمن يشاء من عباده ويقدر له إن الله بكل شيء عليم {العنكبوت:62}. وقال تعالى: أولم يعلموا أن الله يبسط الرزق لمن يشاء ويقدر إن في ذلك لآيات لقوم يؤمنون {الزمر:52}.
وإن من أعظم أسباب سعة الرزق تقوى الله تعالى بامتثال أوامره واجتناب نواهيه، قال تعالى: ومن يتق الله يجعل له مخرجا * ويرزقه من حيث لا يحتسب {الطلاق:2- 3}.
ومن أعظم أسباب ضيق الرزق معصية الله تعالى، ففي المسند وغيره أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الرجل ليحرم الرزق بالذنب يصيبه.
الرابع: أن الحكمة من توفر بعض الأسباب المادية عند الكفار هي الاستدراج لهم؛ كما قال الله تعالى: سنستدرجهم من حيث لا يعلمون * وأملي لهم إن كيدي متين [الأعراف:182-183].
وقال تعالى: ومن كفر فأمتعه قليلا ثم أضطره إلى عذاب النار وبئس المصير [البقرة: 126].
وقال تعالى: لا يغرنك تقلب الذين كفروا في البلاد * متاع قليل ثم مأواهم جهنم وبئس المهاد [آل عمران:196-197].
وقال تعالى: متاع في الدنيا ثم إلينا مرجعهم ثم نذيقهم العذاب الشديد بما كانوا يكفرون [يونس:70].
وقال تعالى: ولولا أن يكون الناس أمة واحدة لجعلنا لمن يكفر بالرحمن لبيوتهم سقفا من فضة ومعارج عليها يظهرون * ولبيوتهم أبوابا وسررا عليها يتكئون * وزخرفا وإن كل ذلك لما متاع الحياة الدنيا والآخرة عند ربك للمتقين [الزخرف:33-35].
والأحاديث النبوية في ذلك كثيرة أيضا ومنها:
-قوله صلى الله عليه وسلم :إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفلته. رواه البخاري ومسلم.
-وقوله صلى الله عليه وسلم : الدنيا سجن المؤمن، وجنة الكافر. رواه مسلم.
-وفي صحيح البخاري في حديث طويل أن عمر- رضي الله عنه- قال: ثم رفعت بصري في بيته -أي النبي صلى الله عليه وسلم- فو الله ما رأيت شيئا يرد البصر غير أهبة ثلاث، فقلت: ادع الله أن يوسع على أمتك، فإن فارس والروم وسع عليهم وأعطوا الدنيا وهم لا يعبدون الله، وكان متكئا فجلس فقال: أو في شك أنت يا ابن الخطاب!! أولئك قوم عجلت لهم طيباتهم في الحياة الدنيا.
- في المسند عن عقبة بن عامر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا رأيت الله يعطي العبد من الدنيا على معاصيه ما يحب فإنما هو استدراج، ثم تلا: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون [سورة الأنعام: 44].
وقال الحسن البصري: من وسع عليه فلم ير أنه يمكر به فلا رأي له، ومن قتر عليه فلم ير أنه ينظر له فلا رأي له، ثم تلا: فلما نسوا ما ذكروا به ....الآية. قال: مكر بالقوم ورب الكعبة، أعطوا حاجتهم ثم أخذوا، وما أخذ الله قوما إلا عند سكرتهم، غرتهم نعمتهم، فلا تغتروا بالله، فإنه لا يغتر بالله إلا القوم الفاسقون. اهـ.
والله أعلم.