هل كل ما يتمناه المسلم يحصل عليه في الجنة

0 5108

السؤال

مسلم تمنى أمنية وهي أن يكون له شيء يريده ويتمنى أن يحصل عليه في الجنة، فهل في حال موته ودخوله الجنة يحصل عليه
وإن كان هذا الشيء خياليا وليس حقيقة؟.

الإجابــة

الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:

فقد قال تعالى: وفيها ما تشتهيه الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون {الزخرف:71}

قال الطبري: لكم في الجنة ما تشتهي نفوسكم أيها المؤمنون، وتلذ أعينكم: وأنتم فيها خالدون ـ يقول: وأنتم فيها ماكثون، لا تخرجون منها أبدا.

عن ابن سابط: أن رجلا قال: يا رسول الله إني أحب الخيل، فهل في الجنة خيل؟ فقال: إن يدخلك الجنة إن شاء، فلا تشاء أن تركب فرسا من ياقوتة حمراء تطير بك في أي الجنة شئت إلا فعلت ـ فقال أعرابي: يا رسول الله إني أحب الإبل، فهل في الجنة إبل؟ فقال: يا أعرابي إن يدخلك الله الجنة إن شاء الله، ففيها ما اشتهت نفسك، ولذت عيناك. رواه أحمد والترمذي، وضعفه الألباني.

عن أبي ظبية السلفي، قال: إن السرب من أهل الجنة لتظلهم السحابة، قال: فتقول: ما أمطركم؟ قال: فما يدعو داع من القوم بشيء إلا أمطرتهم، حتى إن القائل منهم ليقول: أمطرينا كواعب أترابا. أخرجه ابن أبي الدنيا في وصف الجنة.

عن علي بن أبي الوليد، قال: قيل لمجاهد في الجنة سماع؟ قال: إن فيها لشجرا يقال له العيص، له سماع لم يسمع السامعون إلى مثله.

عن أبي أمامة، يقول: إن الرجل من أهل الجنة ليشتهي الطائر وهو يطير، فيقع متفلقا نضيجا في كفه، فيأكل منه حتى تنتهي نفسه، ثم يطير، ويشتهي الشراب، فيقع الإبريق في يده، ويشرب منه ما يريد، ثم يرجع إلى مكانه.

وروى ابن المبارك في الزهد، وأبو نعيم في الحلية عن كثير بن مرة، قال: إن من المزيد في الجنة أن تمر السحابة بأهل الجنة، فتقول: ما تدعوني أن أمطركم؟ قال: فلا يدعون بشيء إلا أمطرتهم، قال كثير بن مرة: لئن أشهدني الله ذلك لأقولن: أمطرينا جواري مزينات.

 وقال تعالى: إن الذين قالوا ربنا الله ثم استقاموا تتنزل عليهم الملائكة ألا تخافوا ولا تحزنوا وأبشروا بالجنة التي كنتم توعدون * نحن أولياؤكم في الحياة الدنيا وفي الآخرة ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ولكم فيها ما تدعون * نزلا من غفور رحيم {فصلت:30ـ 32}.

قال ابن كثير: ولكم فيها ما تشتهي أنفسكم ـ أي: في الجنة من جميع ما تختارون مما تشتهيه النفوس، وتقر به العيون: ولكم فيها ما تدعون ـ أي: مهما طلبتم وجدتم، وحضر بين أيديكم، أي كما اخترتم: نزلا من غفور رحيم ـ أي: ضيافة وعطاء وإنعاما من غفور لذنوبكم، رحيم بكم رءوف، حيث غفر، وستر، ورحم، ولطف.

فما تمناه المرء في الجنة ناله، وراجع فتوى رقم: 137313.

وأما تمني ما هو خيالي، فإن كان ممكنا، ولا نظير له في الدنيا، فقد يحققه الله، كما في الآثار التي أوردها الطبري فيما سبق: كالسحابة التي تمطر الكواعب الأتراب.

وأما إن كان مستحيلا قضى ألا يكون، فإنه لا يكون، روى الترمذي وحسنه، والحاكم وصححه من حديث جابر قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك ما قال الله لأبيك: قال يا عبد الله تمن علي أعطك، قال يا رب تحييني فأقتل فيك ثانية، قال إنه سبق مني أنهم إليها لا يرجعون.

وروى الترمذي وابن ماجه، عن عبد الله بن مسعود، أنه سئل عن قوله: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا، بل أحياء عند ربهم يرزقون {آل عمران: 169} فقال: أما إنا قد سألنا عن ذلك، فأخبرنا أن أرواحهم في طير خضر تسرح في الجنة حيث شاءت، وتأوي إلى قناديل معلقة بالعرش، فاطلع إليهم ربك اطلاعة، فقال: هل تستزيدون شيئا فأزيدكم؟ قالوا ربنا: وما نستزيد ونحن في الجنة نسرح حيث شئنا؟ ثم اطلع عليهم الثانية، فقال: هل تستزيدون شيئا فأزيدكم؟ فلما رأوا أنهم لا يتركون قالوا: تعيد أرواحنا في أجسادنا حتى نرجع إلى الدنيا، فنقتل في سبيلك مرة أخرى ـ قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح ـ ورواه مسلم، وزاد: فلما رأى أن ليس لهم حاجة تركوا.

فالله عز وجل لم يعطهم ذلك، لأنه قضى أنهم إليها لا يرجعون، والمطلوب أن يسأل العبد ربه الجنة، ولا يغلو في التفاصيل، فإنه إن دخلها أعطي ما شاء، وراجع الفتوى رقم: 35124.

رزقنا الله وإياك الجنة.

والله أعلم.

مواد ذات صلة

الفتاوى

المقالات

الصوتيات

المكتبة