السؤال
أعيش في مجتمع مليء بالبدع والضلالات والفرق الضالة، فمنهم من يؤصل في الناس الكفر ويكفر العلماء كالشيخ محمد حسان وجميع مشايخ الأزهر بالكلية، بل منهم من يكفر ابن عثيمين وابن باز، ومنهم من يأخذ بأقوال أهل العلم ويكفر عامة الناس، ومنهم من يقول بالوقف حتى يستبين الحال، وإذا نصحناهم وبينا لهم بدعتهم لا يستجيبون، بل يقولون لنا أنتم كفار مثلهم، مع أنهم لا يصلون الجمعة في المسجد ويقولون لا جمعة ولا جماعة، ولا يصلون في أي مسجد، بل لكل فرقة منهم مسجد، ويكفر بعضهم بعضا مع وجود أهل العلم الذين تعلموا العلم على يد ابن عثيمين كالشيخ سامي البيومي، ولكنهم لا يذهبون إليهم، وإذا قلت تعالوا نطرح الأمر على أهل العلم رفضوا أو هربوا، ومع هذا ذهب إليهم الشيخ سامي بنفسه وبين لهم ضلالهم، ولكنهم لم يستجيبوا وذهبوا إلى الشيخ الحازمي، ولكنه لم يجبهم على أهوائهم فتركوه وبقوا على ماهم فيه، والسؤال هنا: هل هؤلاء من الخوارج؟ وهل خطرهم على الدين أشد من خطر الخوارج؟ وما الأحاديث التي وردت فيهم؟ وما العمل معهم؟ وهل نهجرهم كأن لا نصلي خلفهم ولا نأكل ذبائحهم ولا نلقي عليهم السلام؟ أم نستمر في نصحهم؟ وما حكم الشخص الناطق بالشهادتين ومقيم للصلاة ولا يوجد عنده الشرك الأكبر؟ وهل نحكم بإسلام؟.
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فنسأل الله تعالى العفو والعافية! فتكفير المسلم فضلا عن أهل العلم الكبار، من أعظم البلايا وأشد الفتن، ومن الموبقات وراجع في ذلك الفتويين رقم: 11129، ورقم: 4402.
وراجع في ضوابط التكفير وخطر الكلام فيه، الفتوى رقم: 721.
وهذه الجرأة على التكفير من سمة الخوارج ومن شابههم، قال الدكتور سعيد القحطاني في كتاب قضية التكفير بين أهل السنة وفرق الضلال: الخوارج يكفرون أصحاب الكبائر... ويكفرون من خالفهم، ويستحلون منه ـ لارتداده عندهم ـ ما لا يستحلونه من الكافر الأصلي. اهـ.
وقد سبق لنا بيان عقائد الخوارج ومقالاتهم، ومنها: أنهم لا يصلون الجمعة ولا الجماعة إلا خلف من وافقهم في معتقداتهم، وراجع في ذلك الفتويين رقم: 53224، ورقم: 130372.
ثم إن الراجح الذي عليه جمهور أهل العلم أن الخوارج ليسوا كفارا، مع ما فيهم من بدعة شديدة وضلالة بعيدة، وراجع في ذلك الفتاوى التالية أرقامها: 170709، 25436، 158019.
وأما الأحاديث الواردة في صفة الخوارج: فهي كثيرة، روى البخاري ومسلم بعضها، منها قوله صلى الله عليه وسلم: يقرءون القرآن لا يجاوز حناجرهم، يقتلون أهل الإسلام ويدعون أهل الأوثان، يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.
وقوله صلى الله عليه وسلم: يأتي في آخر الزمان قوم حدثاء الأسنان سفهاء الأحلام يقولون من خير قول البرية يمرقون من الإسلام، كما يمرق السهم من الرمية لا يجاوز إيمانهم حناجرهم، فأينما لقيتموهم فاقتلوهم، فإن قتلهم أجر لمن قتلهم يوم القيامة.
وقوله صلى الله عليه وسلم: يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم وصيامه مع صيامهم، يمرقون من الدين كمروق السهم من الرمية، ينظر إلى نصله، فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى رصافه فلا يوجد فيه شيء، ثم ينظر إلى نضيه فلا يوجد فيه شيء ثم ينظر إلى قذذه، فلا يوجد فيه شيء قد سبق الفرث والدم يخرجون على حين فرقة من الناس.
وقوله صلى الله عليه وسلم: يخرج قوم من أمتي يقرءون القرآن ليس قراءتكم إلى قراءتهم بشيء ولا صلاتكم إلى صلاتهم بشيء ولا صيامكم إلى صيامهم بشيء يقرءون القرآن يحسبون أنه لهم وهو عليهم لا تجاوز صلاتهم تراقيهم يمرقون من الإسلام كما يمرق السهم من الرمية.
وقد ذكر طائفة من هذه الأحاديث الشيخ التويجري في إتحاف الجماعة بما جاء في الفتن والملاحم وأشراط الساعة في باب ما جاء في الخوارج، وقال في أوله: هم أول من كفر المسلمين بالذنوب، ويكفرون من خالفهم في بدعتهم ويستحلون دمه وماله.... وقد تواترت الأحاديث في ذكر الخوارج، وصحت من نحو من أربعين وجها، وسيأتي ذكرها إن شاء الله تعالى. اهـ.
ويمكن للسائل التوسع في هذا الموضوع بمطالعة كتاب: الخوارج: تاريخهم وآراؤهم الاعتقادية وموقف الإسلام منها للدكتور غالب العواجي، وهو متوفر على الشبكة العنكبوتية، وأما بالنسبة لكيفية معاملتهم، فقد سبق لنا بيان ذلك من خلال بيان منهج أهل السنة في التعامل مع أهل البدع في الفتاوى التالية أرقامها: 14264، 57734، 19998، 24369.
وأما من نطق بالشهادتين وأقام الصلاة، ولم يوجد عنده شرك أكبر، فهذا يحكم بإسلامه دون تردد، حتى يظهر منه شيء من نواقض الإيمان، ويخلو من موانع التكفير، ويمكن الوقوف على تفصيل ذلك من خلال كتاب: نواقض الإيمان القولية والعملية، للدكتور عبد العزيز العبد اللطيف، وكتاب: نواقض الإيمان الاعتقادية، وضوابط التكفير عند السلف للدكتور محمد الوهيبي، وكتاب: ضوابط التكفير عند أهل السنة والجماعة للدكتور عبد الله القرني، وراجع الفتوى رقم: 33821 .
والله أعلم.