السؤال
أنا موظف في شركة الكهرباء، والشركة تحرمنا من بدلين نستحقهما ـ بدل خطر، وبدل طبيعة عمل ـ علما أن عملي ميداني، وبعض موظفي نفس الشركة يتقاضون هذه البدلات, وعملنا أخطر من عملهم, ومرهق, وفيه خطورة كبيرة، حيث نتعامل مع كهرباء(13.8 kv) مباشرة، ومع مرور الأيام وبخطأ في النظام أصبح في راتبي بدل لا أستحقه في الأصل، وأنا الشخص الوحيد الذي يأتيه هذا البدل، علما أن مبلغ البدلين الذين أستحقهما أكثر من البدل الذي جاءني، فما حكم هذا المبلغ الذي جاءني؟
الإجابــة
الحمد لله والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه، أما بعد:
فأولا: ننصحك بالرجوع إلى المسئولين عن استحقاق البدلات في الشركة ومخاطبتهم في أمرك، فربما يكون هناك وجه دقيق للتفرقة بينك وبين هؤلاء الموظفين الآخرين.
ثانيا: العقد الذي بينك وبين الشركة: إما أن يكون عقد مشاهرة ـ أي يتجدد كل شهر, ونحو ذلك ـ فهذا يحق لكل واحد من المتعاقدين فسخه متى شاء، وانظر الفتوى رقم: 16084.
وإذا علم أن الجهة المستخدمة لا تستجيب لبعض مقتضيات العقد, كانت كمن أعلن للعامل أنه إما أن يقبل بالعقد دون تلك المقتضيات، وإما أن العقد منفسخ من جهتها.
وعليه, فإذا علمت أن الشركة لا تعطيك البدلات المذكورة كان لك ترك العمل وحينئذ لا تكون مستحقا لشيء عندها.
وإما أن يكون العقد لازما، فعلى ذلك إن ثبت من واقع لوائح الشركة أنك تستحق البدلين المذكورين, ومع ذلك تمتنع الشركة من صرفهما لك ظلما، فلا حرج عليك حينئذ في أن تأخذ من مال الشركة بمقدار حقك الذي منعته عنك الشركة، على القول الراجح عندنا، وهذا ما يسمى عند الفقهاء بمسألة الظفر، قال البخاري رحمه الله: باب: قصاص المظلوم إذا وجد مال ظالمه ـ وقال ابن سيرين: يقاصه، وقرأ: "وإن عاقبتم فعاقبوا بمثل ما عوقبتم به".
قال الحافظ ابن حجر: أي: هل يأخذ منه بقدر الذي له ولو بغير حكم حاكم؟ وهي المسألة المعروفة بمسألة الظفر، وقد جنح المصنف إلى اختياره، ولهذا أورد أثر ابن سيرين على عادته في الترجيح بالآثار.
وعلى ذلك، فيجوز لك الانتفاع بالبدل الذي جاءك عن طريق الخطأ طالما لم يزد عن حقك من البدلين الآخرين، ولتحذر أن يكون ذلك منك مجرد ظن، فتأخذ ما لا حق لك فيه، بل لا بد من التيقن من ذلك، ولمزيد الفائدة عن مذاهب العلماء حول من ظفر بحقه راجع الفتوى رقم: 28871.
والله أعلم.